Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

كل المنى أن أكون مثل «منى»!!

A A
عظم الله شأن النساء فأنزل سورة بأكملها باسمهن، وسمع لبعضهن من فوق سبع سموات، وبادر سبحانه وتعالى في تحقيق ما يطلبن وإجابة دعاءهن في كثير من المواضع، وضرب ببعضهن المثل والقدوة والسيرة الحسنة وجعل منهن النماذج الطيبة ورفع درجاتهن في عليين في الجنة (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ)، كما جعل بعضهن مثالاً للعفة والرعاية الإلهية (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ).

وعلى مدار التاريخ منذ أم البشر حواء مرورًا بالأسماء الطاهرة: سارة وهاجر زوجتا سيدنا إبراهيم عليه السلام إلى أم موسى وأخته وزوجته وزوجة فرعون آسيا بنت مزاحم وزوجة أيوب عليه السلام ثم سير الصحابيات حول الرسول صل الله عليه وسلم حيث كلهن نماذج في كل شأن من شؤون الحياة: عالمات، زاهدات، عابدات، متصدقات، مربيات، صائمات، معلمات، طبيبات، ومجاهدات، ثم بعد عهد النبوة نماذج عديدة من النساء نجدهن اليوم بين نساء المجتمع ولله الحمد (أمهات وزوجات وأخوات وبنات) عفيفات، مثقفات، داعيات، إداريات، معلمات، طبيبات، ممرضات، مبرمجات، إنهن ممن استجبن لله ورسوله وتقفين أثر المؤمنات الصالحات، وكان لهن في زوجات وبنات النبي صل الله عليه وسلم الأسوة الحسنة، يبغين الله ورسوله ويقصدن في أعمالهن وجه الله، إنهن الرائدات في الأعمال الصالحة فكم يزين العمل الصالح المرأة لذلك فإن الله عندما ذكر الحياة الطيبة نص على أن تنالها المرأة كما الرجل تمامًا (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً) وهن كثر في مجتمعنا ولله الحمد ومنهن ابنة اختي المرأة الصالحة الأستاذة منى صدقة العامودي التي لقيت ربها الأسبوع الماضي وهي التي عرفت بين أقاربها وزميلاتها بأن حدها حد نفسها ولا يعرف أحد من أقاربها أنها اغتابت أحدًا أو أساءت لأحد، بل إن زميلاتها وصديقاتها لا يذكرنها إلا بخير، وحدثني زوجها الكابتن يوسف الجهني أن بعد موتها ظهر لها من الأعمال الصالحة ما الله به عليم ناهيك عن سمو أخلاقها وأدبها وتربيتها لأولادها وبناتها لدرجة أن لسان حال كل من عرفها من النساء يقول: «كل المنى أن أكون مثل منى».

لقد لقيت ربها وزوجها عنها راضٍ ولقيت ربها صابرة محتسبة لمرض ألم بها منذ سنتين حل في جسدها، ورضيت بما كتب الله لها صابرة محتسبة عندما أعلن الأطباء عن عجزهم لمعالجتها، عندها سلمت أمرها لربها وفاضت روحها لبارئها لتكون عنده وبجواره في مقعد صدق عند مليك مقتدر، ولأني أعرفها منذ صغر سنها، فقد كانت فعلاً المنى للآخرين -بما أكرمها الله من خصال وصفات- أن يكونوا مثلها ممن رغبتهن أن يلحقن بركب الصحابيات والصالحات، فرحمها الله رحمة واسعة وجبر كسرنا جميعًا فيها. «إنا لله وإنا إليه راجعون».

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store