Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سهيلة زين العابدين حماد

المنظومة العدلية والشرعية والقانونية والحقوقية في رؤية 2030

A A
من أهم أسس ومقومات رؤية 2030؛ إرساء قواعد راسخة لمنظومة عدلية وشرعية وقانونية بهدف تطوير البيئة التشريعية، من خلال استحداث وإصلاح الأنظمة التي تحفظ الحقوق، وتُرسِّخ مبادئ العدالة والشفافية، وتحمي حقوق الإنسان، وتحقّق التنمية الشاملة.. وتقوم هذه المنظومة العدلية على أربعة مشاريع كبرى، هي:

(1) مشروع نظام الأحوال الشخصية، الذي أحدث تغيُّرات جذرية ليس في المجتمع السعودي فقط، وإنما في العالم الإسلامي بأسره، ويتمثل في الآتي:

أولًا: تحديد سن أدنى للزواج بإتمام 18 سنة: فمن مقاصد الشريعة الإسلامية أنّ الزواج لا يتم إلّا بإرادة الزوجين، ولا تكتمل إراداتهما إلّا بإتمام سن 18 سنة، فجاء في المادة التاسعة من نظام الأحوال الشخصية: «يمنع توثيق عقد الزواج ما لم يتم الزوجان ثمانية عشر عامًا».. حيث ثبت علميًا وطبيًا بأنّ الجهاز التناسلي للمرأة لا يكتمل إلّا بعد إتمامها سن 18 عامًا لتتحمل العلاقة الزوجية والحمل والولادة.

ثانيًا: إلغاء الكفاءة بالنسب في الزواج، الذي كان وراء الكثير من المآسي، بإعطاء أحد أفراد الأسرة من الذكور من الإخوة والأعمام وأولاد الأعمام، وأحيانًا زوج الأخت حق إقامة دعاوى تطليق الزوجة من زوجها بدعوى عدم الكفاءة في النسب، وقد أغلقت الفقرة (2) من المادة (14) الستار عن هذه المأساة بقولها: «العبرة في كفاءة الرجل بدينه، ولا يعتد بالكفاءة فيما عدا ذلك».

ثالثًا: الذمة المالية المستقلة للمرأة: أقر نظام الأحوال الشخصية السعودي بالذمة المالية المستقلة للزوجة، فالمادة (38) نصّت على أنّ «المهر ملك للمرأة، لا تجبر على أي تصرف فيه»، وبيّنت المادة (45) الآتي: يحق للزوجة الامتناع عن الدخول والانتقال إلى بيت الزوجية حتى تقبض مهرها للحال، ويهيئ لها المسكن المناسب، ولها الحق في النفقة خلال هذه المدة.. وإذا رضيت الزوجة الدخول قبل أن تقبض مهرها فيبقى ديْنًا في ذمة الزوج.. والفقرة (4) من المادة (43) تناولت حقوق الزوجة على زوجها وقررت: «ألا يتعدى على أموالها».

رابعًا: إلزام الزوج بالنفقة على زوجته حتى لو كانت موسرة في المادة (46)، وقد حسمت هذه المادة الجدل حول راتب الزوجة، من حقها أم من حق زوجها، بناءً على ما تردد كثيرًا في كتب الفقه القديمة أن تحبس المرأة نفسها لزوجها في بيتها مقابل نفقته عليها.

(2) مشروع نظام المعاملات المدنية، ويهدف إلى تنظيم العلاقة بين الأفراد في تعاملاتهم.. وأهم ما جاء فيه: توفير البيئة العدلية للمواطنين والمقيمين في السعودية، وتهيئة البيئة الاقتصادية للمستثمرين، بحيث يعرف كل فرد ما له وما عليه، وبه سيتمكّن كل شخص من معرفة حقوقه وواجباته من دون الرجوع إلى المحكمة.

(3) مشروع النظام الجزائي للعقوبات البديلة، الذي يهدف لخفض تكاليف عقوبات السجن السالبة للحرية بالعقوبات البديلة، وتطبيق المبادئ والنظريات الجنائية الحديثة، كنظريات الحد من العقاب وانحسار الجرائم، وتحقيق العدالة الجنائية، وحماية حقوق الإنسان.. ونقلت المصادر أنّ عددًا من الجهات تواصل دراسة شاملة لآلية نظام للعقوبات البديلة مع التأكيد على انحصار الجهات المخولة بإيقاع العقوبات في المحاكم دون غيرها.

وتتمثل أبرز ملامح النظام في حصر نطاق العقوبة في الأفعال المنصوص عليها بنص نظامي، وحصر العقوبات التي توقعها جهات المحاكمة على العقوبات المنصوص عليها نظامًا، وهو ما يعرف بمبدأ «شرعية الجرائم والعقوبات»، والتأكيد على حصر المساءلة الجزائية على شخص مرتكب الجريمة دون غيره، وهو ما يعرف بمبدأ «شخصية العقوبة»، يُضاف إليها التأكيد على أنّ الأصل هو براءة المتهم من الاتهام المنسوب إليه، وهو ما يُعرف بمبدأ: أنّ المتهم برئ حتى تثبت إدانته.

(4) مشروع نظام الإثبات، ويهدف إلى مواكبة التطورات الحديثة وتنظيمها وفق القانون وذلك بهدف الوصول إلى العدالة وتحصيل كل ذي حق حقه باتباع الوسائل القانونية التي حددها هذا النظام.

وستُسهم هذه المنظومة العدلية في إمكانية التنبؤ بالأحكام، ورفع مستوى النزاهة، وكفاءة أداء الأجهزة العدلية، وزيادة موثوقية الإجراءات وآليات الرقابة، كونها ركيزة أساسية لتحقيق مبادئ العدالة.

وقد روعي في مشاريع الأنظمة الأربعة الأخذ بأحدث التوجهات القانونية والممارسات القضائية الدولية الحديثة، بما لا يتعارض مع الأحكام الشرعية.

وأولت المملكة مرافق القضاء عناية كبرى، باعتباره دعامة للعدل وركيزة لدفع الظلم، واستيفاء الحقوق، وفصل الخصومات، وقطع المنازعات. وخصصت الدولة ميزانيات وافرة لإعلاء شأن المؤسسات العدلية ورفع كفاءة العاملين بها والمنتسبين إليها.. وقد خطت وزارة العدل نحو أوسع إصلاحات للمرفق العدلي على مستوى المحاكم المتخصصة وزيادة عدد القضاة وتطبيق التعديلات القانونية، وتعزيز مبادئ تأصيل حق المواطن والمقيم في التقاضي.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store