لاشك أن لرجال الأعمال دور اجتماعي متعدد، منه العلمي ودعم الموهوبين والباحثين، ومنه مساعدة المرضى وتبني علاجهم من خلال مراكز صحية مثل مراكز غسيل الكلى أو أمراض القلب، ومن الأدوار الاجتماعية لهم كذلك إقامة صوالين وديوانيات تثقيفية توعوية متعددة الأغراض: من توعية طبية وصحية إلى تثقيف أدبي وعلمي إلى مفاهيم اقتصادية واستثمارية إلى نواحٍ هندسية ومعمارية إلى توعية دينية وأمور عصرية ذات علاقة بالنواحي العلمية الحديثة مثل النواحي البيولوجية والاجتماعية.
لم أعرف عن هذا التنوير الثقافي في المجتمع لديوانية الراجحي في جدة خاصة الاعتناء بصغار السن من العائلة في التقديم وإشهار إسلام بعض المسلمين الجدد إلا بعد أن حضرته لأول مرة كمتحدث الأسبوع الماضي لأشارك في التحدث في وقت قصير عن موضوع تحت عنوان (لمسات في الحياة) تكلمت فيه باختصار عن أسباب العافية وفقًا لنظرية ما فوق الوراثة مع الأخذ بأسبابها مركزًا على النواحي النفسية والاجتماعية وتنميتها من خلال اللمسات التي شرحتها، وعند اطلاعي على ما سبق من لقاءات ثقافية للديوانية وجدت فيها أمورًا تنويرية للمجتمع متعددة النواحي والمتحدثون شخصيات علمية وتثقيفية مما حثني فعلا على الكتابة عن هذه الديوانية الاجتماعية ودورها التنويري للنواحي الثقافية في المجتمع.
إن هذه الديوانية من مجالس الرجال وصفها صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بقوله «تعلمت من مجالس الرجال ما لم أتعلمه في المدارس والجامعات»، ومما رأيته لأول مرة في ديوانية الشيخ عبدالمحسن صالح الراجحي ولم أره من قبل في الديوانيات والصوالين الثقافية هو تدريبه لصغار السن من العائلة على الإلقاء والتحدث أمام جمع من الحاضرين بكلمات مقتضبة تبعث في داخلهم التنافس وحب تكرار ذلك كما تصنع في قلوبهم تربية، وفي عقولهم شغف، ويحرثون على الحضور والتحدي في المستقبل، وما لفت نظري في اللقاء كذلك تواجد أبناء الشيخ عبدالمحسن واهتمامهم بالحضور وتقديم الضيافة بأنفسهم مما ينمي عن تربية عالية المستوى حظي بها الأبناء من هذا الأب التربوي، صحيح أن وقت المحاضرة قصير لكنه وفقًا لتخصص المحاضر يشهد الحضور تثقيفًا تنويريًا على شكل كبسولات من العطاء العلمي.
وإنني بهذه المناسبة أدعو إلى إقامة المزيد من مثل هذه اللقاءات التثقيفية التنويرية للمجتمع خاصة في زمن تعددت فيه مشارب المعلومات الطبية والاجتماعية والاقتصادية والدينية فلم تترك لنا وسائل التواصل الاجتماعي أمرًا إلا وتحدثت عنه صحيحًا كان أم خطأ، ويتناقل الناس أحيانًا كلامًا هراء من غير المتخصصين مما جعل المعلومة تتأرجح بين الصح والخطأ وبين الصدق والكذب إلا ما كان مصدرها متخصصًا في مجاله كما هي الحال في ديوانية الراجحي التي تعتمد في كل لقاء على أحد من أهل الاختصاص للحديث في لقائها الاجتماعي والثقافي تحقيقًا لقوله تعالى (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) وأهل الذكر هم أهل الاختصاص كل في مجاله وتخصصه.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
