Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

حديث الأربعاء

أول كتابين تلقيتهما هدية بتوقيع المؤلّف، كانا قصتي: (أمي، والعم سحتوت) لفقيدنا الراحل عبدالله عبدالجبار، كان ذلك في القاهرة غداة صدورهما خلال رحلة صيف أسرية كنا نقضيها هناك، ومن يومها احتل الأستاذ

A A

أول كتابين تلقيتهما هدية بتوقيع المؤلّف، كانا قصتي: (أمي، والعم سحتوت) لفقيدنا الراحل عبدالله عبدالجبار، كان ذلك في القاهرة غداة صدورهما خلال رحلة صيف أسرية كنا نقضيها هناك، ومن يومها احتل الأستاذ موقعًا في قلبي وعقلي.* عدتُ بالكتابين فخورًا، أباهي بهما زملائي في المدرسة، فقد كان اهتمام جيلي بالكتاب فائقًا، ولتوقيع المؤلّف قيمة.* كنتُ على الدوام في صحبة الوالد الذي لم يمر عليه يوم حين يأتي للقاهرة دون أن يلتقي بالأستاذ وصحب من أقرانهما كانوا يقيمون وقتذاك في تلك المدينة الرائعة الزاخرة بالعلماء والأدباء، ودور الثقافة، فإذا ما ذهبت إلى القاهرة للجامعة كانوا بمثابة الوصي والمستشار.* كان بيت الأستاذ في الجيزة.. يخلو من الزوج والولد، لكنه كان مفتوحًا يمتلئ مساء كل يوم بشخصيات أدبية شهيرة، كان بمثابة المكتبة العامة، أو المنتدى الثقافي، كان الأستاذ يعيش حالة ثقافية مستمرة، لم يكتفِ بلقاءات المساء، فأسس للقاء صباحي في كازينو «سان سوسي» القريب من ميدان الجيزة، يمارس فيه الملتقون نفس الوظيفة، الشعر والأدب والنقد، فلا شيء يعلو على الثقافة لدى ذلك الجيل.عاش الأستاذ جانبًا من عمره في القاهرة، كان سعيدًا لقربه من مصادر الثقافة، لم يشتغل بشيء سوى قضايا الفكر. لم يملك في القاهرة غير مكتبته، عاد إلى وطنه بعد رحلة من الاغتراب والمعاناة، وعاش عمرًا مديدًا شغله بالكرامة والقناعة والطهارة والثقافة وكبرياء النفس حتى وافته المنية، كان قدوة صالحة، وبموته فقدْنا أحد سدنة الثقافة الكبار في بلادنا، لعلّه آخرهم، سألته قبل سنوات فيما إذا كان لا يزال للقاهرة مكان في القلب؟ سكت.. وبدا على وجهه كما لو كان يريد أن يردد عبارة صديقه حمزة شحاتة.. لقد أحببت مصر خيالاً، وكرهتها واقعًا!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store