Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. علي آل شرمة

عام دراسي جديد على الأبواب

A A
تبقَّت أيام قلائل قبل انطلاق العام الدراسي الجديد، وسط تزاحم الآمال في قلوب الآباء والأمهات بأن يواصل أبناؤهم وفلذات أكبادهم رحلة التفوق والنجاح، التي تؤهلهم لأن يصبحوا في أرفع المراتب، ويحقّقوا أعلى الدرجات، ليُسهموا في بناء وطنهم، ويستلموا راية العطاء والإنجاز، التي تتيح لهم المشاركة في تطوير بلادهم، وترقية واقعها بين الأمم.

ومن أبرز ملامح العام الدراسي الجديد؛ أنه يأتي في وقتٍ تبذل فيه الدولة – على هدي رؤية المملكة 2030 - جهوداً كبيرة لتمكين الشباب، وإتاحة فرص العمل أمامهم، وفي سبيل ذلك تتخذ العديد من الخطوات، مثل ترقية مستوى التعليم على كافة المستويات، وإتاحة فرص التدريب للمعلمين، وتحسين المنظومة التعليمية لتواكب مثيلاتها في أكثر دول العالم تطوراً، وهو ما يستلزم تكامل تلك الجهود حتى يتحول الشباب إلى أدوات بناء، تتولى راية الإنجاز في هذا الوطن المعطاء، الذي يمتاز بأن أكثر من ثلثي سكانه من فئة الشباب، الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 – 35 عاماً، وهو بذلك يمتلك ثروة بشرية لا تُقدَّر بثمن.

كذلك، فإن العام الدراسي الجديد يمتاز بالعديد من التحسينات والتغييرات الكثيرة، التي شملت معظم جوانب العملية التعليمية، مثل مواصلة تطوير وتحديث المناهج والسياسات التعليمية، وتحسين الخطط، وتضمين مواد جديدة، وتقديم تدريس مواد أخرى بناء على احتياج كل مرحلة وفصل دراسي، وذلك بهدف تعزيز القدرات والمهارات الطلابية، وتهيئة بيئة تحتية علمية تسهم في ازدهار البحث العلمي، وتنمية روح الابتكار، لنصل في النهاية إلى إيجاد أجيال جديدة فاعلة وقادرة على المنافسة بقوة في سوق العمل، داخل المملكة وخارجها.

لكن ومن باب التذكير، أشير إلى أن هناك خطوات أخرى لا بد من استيفائها لضمان نجاح العام الدراسي الجديد، وهو أهمية توفير بيئة مواتية لتحقيق النجاح، يتفرغ فيها الطلاب والمعلمون إلى الاجتهاد والتحصيل العلمي دون التطرق لعوامل أخرى تحبط كل تلك الجهود، وهو ما لا يتحقق إلا بتكامل الجهود بين البيت والمدرسة، وفي مقدمة تلك الخطوات التصدي لظاهرة التنمّر والعنف والتخويف التي يتعرض لها بعض الطلاب من زملائهم، الذين يفوقونهم في العمر، وهو ما تسبَّب في وقوع كثير من الحوادث والاعتداءات.

هذه الظاهرة السالبة ليست محصورة في مدارسنا، بل توجد في معظم دول العالم تقريبا، وربما بدرجات أكثر حدة، وهي ترجع لأسباب متعددة منها المرحلة العمرية التي يمر بعض الطلاب، وهي فترة المراهقة، حيث يتصورون أن الرجولة والقوة تكون في الاعتداء على من هم أصغر منهم سناً، وفرض آرائهم عليهم، وهو ما يتطلب دورا أكبر من الأسرة، يكمن في تعريف أبنائهم بخطأ الاعتداء على غيرهم، وأن الواجب عليهم هو احترام معلميهم وزملائهم، والتقيد بالنظام.

كما ينبغي أن تبذل المدارس جهداً إضافياً، لا سيما في الفترات المخصّصة للنشاط الطلابي، وذلك بالتركيز على ترسيخ وتعزيز ثقافة السلام بين التلاميذ، وتنظيم فعاليات تحارب التنمر وتبرز مخاطره. بعد ذلك أتمنى أن يتم تطبيق الأنظمة التأديبية الفعّالة في المدارس، وعدم الاكتفاء بوقف العنف بين الطلاب بمُجرد حدوثه، بل المطلوب هو اتخاذ خطوات استباقية تمنع وقوعه من الأساس، ورصد درجات خاصة بحسن السير والسلوك تُضاف أو تُخصم من التحصيل الأكاديمي السنوي.

ونعلم جميعاً أن وزارة التعليم أبدت قدراً كبيراً من الصرامة لمواجهة حالات العنف في المدارس، وعدم السماح بتفشي هذه الظاهرة السالبة، وشدّدت كثيراً على ذلك في توجيهاتها وخطاباتها للمدارس، وتمسكت بوضوح كامل بضرورة التصدي لمن يمارسون العنف.

إن كان من كلمات أخيرة، فإني أوجهها لإخواني المعلمين والمعلمات الأفاضل، الذين يمارسون أشرف المهن وأنبلها، وهي مهنة تكفَّل بها الأنبياء والرسل، فكما قال الشاعر (كاد المعلم أن يكون رسولا)، أقول لهم: إننا عهدنا إليكم بمهمة تربية أبنائنا وتعلميهم، وهم أعز ما نملكه، وأغلى ثروات الأمة، وكلنا ثقة ويقين بأنكم على قدر هذه الأمانة العظيمة التي تحملتموها، وارتضيتم القيام بها.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store