خلق الله سبحانه وتعالى الانسان وفق نظام محدد في بنائه وتركيبه، فهو متعدد «الأجهزة «، ويتفرع عن كل جهاز «أعضاء» وكل عضو يتكون من «خلايا» وفي داخل كل خلية «نواة» ويسكن في كل نواة عدد كبير جدًا من «الجينات»وكل خلية لها شكلها ووظيفتها المحددة وبالتالي لها ما يعززها من الغذاء وما يشافيها من الداء وفق توجيهات بنائها الداخلي من جينات تسكن في النواة وعضويات تسبح في السيتوبلازم وغشاء يحفظ عليها مكوناتها وتتعامل من خلاله في ضبط ما يدخل اليها وما يخرج منها.
فعموم القول إن كل عضو من الأعضاء في الجسم له عافيته ومرضه وبالتالي عمره البيولوجي بناء على أنماط الحياة التي يعيشها الإنسان من غذاء ورياضة ونوم وعلاقات اجتماعية وراحة نفسية صحيح بالإضافة إلى أساس البناء من المورثات (الجينات) ونضرب في هذا المقال أمثلة على العمر البيولوجي للأعضاء من خلال النمط التغذوي لها، فعضو الرئتين التي تستلم خلاياها يوميًا نسبة من الدخان ولفترات طويلة وعمر مديد فإن صاحبها يزودها بمركبات كيميائية يجعلها تتضرر بيولوجيًا وتصاب بالمرض فيقل عمرها البيولوجي وتتحول خلاياها إلى خلايا سرطانية، والكبد الذي يداوم صاحبه على تعاطي الكحولات والمخدرات يقل عمر خلاياه البيولوجي وتتحول إلى خلايا سرطانية، وهكذا الدماغ الذي لا يستقر في راحته ونومه يقل عمره البيولوجي ويصاب بالأمراض مثل الصداع والزهايمر المبكر والعضلات إذا أهملت ولم يكن لها حظ من الرياضة والتغذية السليمة تترهل وتضعف ويقل عمرها البيولوجي، والعظام التي تتلقى كل يوم نسبة عالية من المشروبات الغازية على حساب الكالسيوم الذي تحتاجه لينميها ويفيدها حيويًا تصاب بالهشاشة وتتهاوى بيولوجيًا مما يجعل عمرها البيولوجي أقل من العظام الطبيعية وهكذا بقية الأعضاء المختلفة، هذا نمط المؤثر التغذوي، وهناك نمط آخر من المؤثرات وهو المؤثر النفسي.
إن الناحية النفسية والمعنوية تؤثر على العمر البيولوجي للأعضاء من خلال الجهاز المناعي والمؤثرات الفسيولوجية خاصة الهرمونات لدرجة الاعتقاد أن لكل مؤثر نفسي أعضاءه التي تمتصه وتتأثر به فمثلاً مشاعر الخوف والفزع السلبية بعد انطلاق هرموناتها عبر العصب الحائر يكون تأثيرها على المعدة، بينما القلق بالإضافة إلى التأثير السلبي على المعدة يكون تأثيره على القولون مما يتسبب عنه القولون العصبي، ومشاعر الغضب ينتج عنها ارتفاع ضغط الدم وآلام الجهاز العضلي والعظمي وكل هذه المؤثرات النفسية تؤثر سلباً على العمر البيولوجي على خلايا تلك الأعضاء، كما ذكرت سابقًا فإن العمر البيولوجي للأعضاء يرتكز بإذن الله على ما تحمله تلك الأعضاء في الحقيبة الوراثية (الأنوية) من جينات مضافًا إليها ما يكون لها من تعامل في الحياة من أنماط مختلفة.. وسنتحدث في مقال آخر بإذن الله عن علاقة بقية أنماط الحياة على العمر البيولوجي للأعضاء.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
