Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سهيل بن حسن قاضي

القطب الواحد.. إلى أين؟

A A
يرى العديد من المحللين السياسيين بأن الولايات المتحدة عاشت عصرها الذهبي عقوداً عديدة، إلّا أن المرحلة الراهنة تشهد تكتلات من نوع جديد، في ظل بروز أقطاب متعددة يتصدّرها الصين وروسيا.

والولايات المتحدة تعتبر المارد الصيني يمثل خطراً عالمياً من وجهة نظرها، ليس اقتصادياً فحسب، بل تقنياً وسياسياً.

وقد أصبح للصين بصمات ملحوظة في العلاقات الدولية، ولا سبيل لإيقاف المد الصيني سوى احتواء الولايات المتحدة للصين والتحالف معها، وهو ما لا تحرص عليه الصين التي تبحث عن ما يعزز صدارتها لا تبعيتها، وتريد أن تحقق مصالحها المتعددة، وفي طليعتها احتياجها الضخم لإمدادات النفط من دول الخليج، وبالذات المملكة العربية السعودية.

في الوقت ذاته، أصبح لدى الولايات المتحدة اكتفاء ذاتي من الغاز والنفط، وإن كانت تتمنى أن تتحكم في طريقة انسياب النفط من الدول المصدرة كما كانت تفعل في السابق.

على صعيد آخر، فإن من أكبر الإستراتيجيات الأمريكية سعيها ومثابرتها في الحفاظ على دولة الكيان الصهيوني (إسرائيل)، وهيمنتها على المنطقة، مفترضة أن إسرائيل هي الذراع القوية لمواجهة التطرف الإسلامي.

يشهد عالمنا اليوم تحولات غير مسبوقة، وأصبح لمنظمة الأوبك موقف موحد يحفظ التوازن بين توفير الإمدادات العالمية والمصالح الكبرى لهذه الدول المنتجة، كما يشهد العالم تحولات غير مسبوقة في الاعتماد على قدراته الذاتية، وتبادل المنافع والتحالفات التي تحقق المصالح القومية له، مع الحرص على عدم الانقياد وراء القطب الواحد، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي كيان، مع الحفاظ على التوازنات الإقليمية والدولية، والبقاء بمنأى عن الصراعات والحروب الدولية.

روسيا من جانب آخر لديها إمكانات هائلة لكي تصبح القطب الثالث، مُحاوِلةً أن تسترجع مكانها السابق الذي فقدته إبان انقسام الاتحاد السوفيتي إلى مجموعة دول. ورغم التوتر العالمي بسبب الحرب الأوكرانية الروسية التي انعكست آثارها على العالم أجمع، فإن هناك توتراً قادماً لا محالة، يتمثل في رغبة الصين الجامحة لاستعادة تايوان.

وفي هذا السياق، أشير إلى ما تفضل به الزميل العزيز أستاذ دكتور صدقة فاضل، أستاذ العلوم السياسية، بأن رغبة الصين في تايوان تجعل الولايات المتحدة أمام خيارين: إما الاستجابة لرغبة الصين، أو الدخول معها في حرب غالباً ما تقود إلى حرب عالمية، لا سيما في ظل إصرار روسيا على الانتصار في أوكرانيا، وهذا الموقف سيؤدي حتماً إلى التحالف الصيني الروسي ضد أمريكا.

لم تعد التنمية هدفاً عالمياً، بل الخشية من تقارُع هؤلاء العمالقة بأسلحة الدمار الشامل، والنتائج الوخيمة المترتبة عليها!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store