Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
فاتن محمد حسين

أين شركات الحج من الحوكمة الرشيدة؟!

A A
في بيان صادر عن وزارة التجارة مؤخراً، تُحذِّر فيه الشركات بعقوبة تصل إلى (500,000 ريال) في حال تأخُّر الشركات عن إعداد قوائمها المالية في نهاية كل سنة مالية، وفقاً للمعايير المحاسبية المعتمدة في المملكة، وإيداعها خلال ستة أشهر من تاريخ انتهاء السنة المالية، وذلك بناءً على (المادة 17) من نظام الشركات الجديد، حيث لابد أن توضح القوائم المالية المركز المالي للشركة، والأرباح والخسائر، وصافي التدفق النقدي، وتغيُّرات حقوق الملكية، وتقع مسؤولية إيداعها على رئيس مجلس إدارة الشركة، أو مديرها التنفيذي. وتدعو الوزارة الشركات لإيداعها عبر منصة (قوائم).

وحقيقةً، نستغرب من الوزارة صدور هذا القرار مع عدم الأخذ به، حيث إن معظم شركات الطوافة متأخرة في تقديم قوائمها المالية، ولم تعقد حتى الآن الجمعية العمومية للعام (2022م - 1443هـ)، ولم يطلع ملاك الأسهم على القوائم المالية، ولا تقارير مجلس الإدارة، ولا تقرير المحاسب القانوني، ومدى كفاية النظام الداخلي للشركة باستثناء واحدة فقط من تلك الشركات.. مع أن هذا حق من حقوق المساهمين، وتم الإخلال به!.

وقد قامت إحدى تلك الشركات فقط بصرف مرحلي للسهم بمقدار (2.4 ريال)، بعد أخذ الموافقة عليه في جمعية عمومية (غير عادية)، ولكنها لم تطلع المساهمين والمساهمات على أي بنود مالية أخرى، كما أرسلت مؤخراً عبر وسائل التواصل الاجتماعي إشعاراً بصرف المبلغ المتبقي للسهم بمقدار (1.5 ريال) فقط، ليصبح الإجمالي (3.9 ريال) قيمة السهم. وبالرغم من قلة سعر السهم بالنسبة لما وصل إلى أسماع المساهمين من أرباح عالية للشركة، ولكنها كانت فرحة لمن يقتاتون على هذه المبالغ، وحياتهم الأسرية تعتمد عليها في إيجار شقتهم، وغذائهم، وعلاجهم.. وتراكمت عليهم الديون، حتى أُخرج بعضهم من شققهم السكنية إلى بيوت أقربائهم!! في الوقت الذي تمتَّع فيه أعضاء المجلس بإجازاتهم، وحينما تذهب للشركة تجدها خاوية على عروشها!! وتبيَّن أن ذلك البيان لم يكن سوى إبرة مخدرة، لم يلبث أن ذهب مفعولها بعد أيام، حيث بدأ المساهمون والمساهمات يتساءلون عن قيام الجمعية العمومية والصرف، والذي يفترض أن يتم الإعلان عنه قبل 21 يوماً من الجمعية العمومية. كما أن باقي الشركات لم تكن أوفر حظاً، بل إن بعضها لم يُسلِّم أي أرباح ولمدة ثلاث سنوات رغم تغيُّر أعضاء مجلس الإدارة!!.

المشكلة أن هذه الشركات تُعلِّق الجرس في عنق (الجهات المختصة)، لأخذ الموافقات اللازمة لعقد الجمعية العمومية، وأعتقد أن المقصود بها وزارة التجارة ووزارة الحج والعمرة.. ولكن لماذا إلى الآن لم تعط الشركات موافقات الجهات المختصة؟! وإذا كانت هناك مخالفات فهي تقع حتماً على مجالس الإدارة، وهي تتحمل مسؤوليتها؛ فحسب نظام الشركات الجديد (الباب الثالث عشر) المادة 262 يُعاقَب بغرامة لا تزيد على (500.000) ريال:

أ- كل مَن تَسبَّب في تعطيل دعوة الجمعية العامة للشركاء أو المساهمين أو انعقادها.

ب- كل من لم يؤدِّ واجبه في دعوة الجمعية العامة للشركاء أو المساهمين إلى الانعقاد؛ خلال المدة المقررة لانعقادها، وفقًا لأحكام النظام.

وأرى وكثير من المساهمين، ضرورة قفل الميزانية بالتاريخ الهجري، وليس بالميلادي، لارتباط القوائم المالية بمدفوعات الحج من إيرادات ومصروفات.. وغيرها، ولا ينفع أن تكون بالميلادي، لتأخُّر الصرف في حالة قفل الميزانية مثلاً في رمضان أو الحج، حيث الانتظار لستة أشهر أخرى.

أعتقد أن الحوكمة الرشيدة والرقابة على شركات تقديم خدمات الحجاج هي أولاً مسؤولية وزارة الحج والعمرة، ووزارة التجارة لضبط الأداء، ثم الحوكمة الداخلية التي يفترض أن توجد في كل شركة، حيث وجود لجان الحوكمة التي يصرف عليها مئات الآلاف من الريالات شهرياً لرواتب أعضائها، ويفترض أن تقوم بتعزيز مبادئ العدالة، والشفافية، والإفصاح، والموثوقية بين المجلس والمساهمين. وكذلك لجنة المراجعة التي تراجع القوائم المالية، والتأكد من الدقة والوضوح في عمل الميزانيات، مما يزيد من ثقة المساهمين بها.

نقطة أخرى مهمة، وهي وجود متحدث رسمي عن كل شركة، للرد على استفسارات المساهمين، ومتابعة خطاباتهم على موقع الشركة، حيث ترسل خطابات ولا يتم الرد باستلام الخطاب!! أعتقد أن لجنة الحوكمة مسؤولة عن حماية حقوق المساهمين، ومنها التواصل وجمع الخطابات والرد عليها، وخاصة في ما يتعلق بالجمعية العمومية. بل يجب مراعاة سياسات عدم تعارض المصالح، لأن من أهم مبادئ الحوكمة العدالة: وهو التعهد بحماية مصالح المساهمين.. والشفافية: وهي الإفصاح عن جميع المعلومات الهامة، وخاصة ما يتعلق بالأمور المالية، والمساءلة والمسؤولية عن أداء الشركة أمام المساهمين.. فهل تتابع كل تلك المبادئ في شركات مقدمي خدمات الحج؟!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store