Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

ثقافة المجتمع.. من يشكلها ؟!

من البديهي والمتعارف عليه في ثقافات الشعوب توارثها، وحمايتها، وتدارسها، والحفاظ عليها عندما تكون إرثًا حضاريًّا وفكريًّا وعلميًّا واجتماعيًّا.

A A

من البديهي والمتعارف عليه في ثقافات الشعوب توارثها، وحمايتها، وتدارسها، والحفاظ عليها عندما تكون إرثًا حضاريًّا وفكريًّا وعلميًّا واجتماعيًّا. لكن الأفكار المتحجرة، والنظرة الدونية لبعض الأعمال والفئات والمهن التي تُمارس من قِبل أفراد يعيشون بيننا، ولهم حق التكسّب بطرق مشروعة، طالما لا تتعارض مع دين، ولا قيم إنسانية متفق عليها بين جميع الأمم، هذه لا يمكن أن تكون ثقافة مجتمع يُعتد بها..!هنا نتساءل: مَن المسؤول عن توارث فكرة احتقار مهنة بعينها، والتقليل من شأن أصحابها، وأنهم أدنى شأنًا من غيرهم، حتى يصل الأمر مداه فتمارس عليهم صنوفًا من الازدراء والامتهان والاحتقار، بل والتطاول عليهم، ومنعهم من أداء عملهم، وهذا أمر لا يرتضيه صاحب خلق كريم، وشهامة ومروءة؟مَن سمح في مجتمعنا السعودي -والذي تربى ونشأ على الدِّين، والخُلق، والعادات الحميدة- لأن يسيطر أناس ممّن تعلّموا وحصلوا على أعلى الشهادات، وما زالت عقولهم لا تفكر إلاّ بما تهوى أنفسهم، ويحاربون كل فكر جديد، وكل ما يخالف رأيهم، وما يعتقدون أنه الصواب، وأن غيرهم دائمًا على خطأ؟! بل ويحاولون بكافة الوسائل لبث هذه الأفكار، والاعتراف بها، هؤلاء لا مكان لهم في عصر اتّسم بالانفتاح على الآخر، والاستفادة من ثقافة وعلم مَن يحيطون بنا من كل جانب.حتى المجتمع الخليجي الذي يحيط بنا إحاطة السوار بالمعصم، وهم أقرب المجتمعات لنا في الدِّين، والثقافة، والموروث من العادات والتقاليد، أصبح أكثر تقبّلاً لأعمال جديدة تمتهنها المرأة -على وجه الخصوص- بدون إخلال بدين، أو التزام بحجاب شرعي، وحشمة متناهية كما يرضي ربنا عز وجل.كلماتي هذه من واقع تجربة عايشتها مع فتيات من بنات الوطن، كنّ يمارسنّ عملاً وطنيًّا شريفًا، يجمعن من خلاله معلومات من أجل البحث العلمي والدراسات المجتمعية، من أجل تنمية الوطن ومشاريعه المستقبلية، بعد تشخيص للواقع الذي نعيشه. وللأسف الشديد تعرّضن في بعض المواقف لأنواع من الاستهجان، والاستغراب، والمحاربة لهنّ، ومنعهنّ من أداء عملهنّ، وكان ذلك من قِبل أناس محسوبين على فئة المتعلّمين والمثقفين.. لماذا؟! هل نريد أن تتعوّد أعيننا على رؤية النساء في وضع مكسور، وتنتظر الصدقة والإحسان، وعطف رجال البر والخير، أم أن رؤية تلك المرأة عند بوابة مجمع تجاري تضع كيسًا لتستجدي عطف مرتادي ذلك المجمع، فيتصدقوا عليها بما تجود به أنفسهم؟ هذا المشهد كثيرًا ما نراه، ولا نجد مَن يستغربه، أو يمنعه، لكن بيننا مَن تولّوا كبرهم، وحكموا بظلم وإجحاف في حق مَن تمارس عملاً، كل عيبه أنه ليس داخل أسوار مدرسة، أو جامعة، أو بنك، أو مختبر، أو عيادة طبية، ما عدا هذه الأعمال التي يزكّيها المجتمع، لابد أن تُتّهم تلك الفتاة بتُهم الله بها عليم.إلى أصحاب العقول الضيّقة في مجتمعنا: كفاكم تحجّرًا في أفكاركم ونظرتكم إلى غيركم ممّن قدّر الله فلم يحصلوا على شهادات عُليا، أو لم يتمكّنوا من اللحاق بركب الوظائف الرسمية المتعارف عليها، لنفتح المجال لعقولنا لتستوعب متطلبات عصرنا، وأبواب العمل والرزق التي سخّرها الله لعباده، فلا نظلم، ولا نحارب مَن هم في أمسّ الحاجة للعمل الشريف المعترف به نظامًا، ويتبع مؤسسات وهيئات حكومية أو خاصة، فبلادنا بلاد الخير والعز والكرامة، فلا تكونوا يا أصحاب الفكر الضيّق ممّن يغلقون في وجه عباد الله أبواب الخير، فاتقوا الله في أنفسكم، وفي مجتمعكم.Majdolena90@gmail.com

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store