Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. علي آل شرمة

الداخلية.. تواصل دحر تجار السموم

A A
نشاهد بمنتهى الدهشة بين فترةٍ وأخرى ما تبثّه وسائل الإعلام عن مشاهد مؤلمة لأحداث عنف تتعرض لها بعض الأسر والعائلات، ليس في المملكة لوحدها، وإنما في معظم دول العالم، فكم من طفل عانى من تعذيب أحد والديه، وكم من امرأة تعرضت للضرب الشديد والإيذاء الجسدي، مما ترك ندوباً كثيرة في روحها قبل جسدها، بل إن بعض هؤلاء الضحايا تعرض للإصابة بعاهات مستديمة، ومنهم من فقد حياته نتيجة لتلك التجاوزات.

هذه الحوادث المؤسفة تصيب الإنسان بالحسرة والألم، فما هو الذنب الذي جناه هؤلاء المساكين؛ حتى تتحول أجسادهم الضعيفة إلى مواضع لتفريغ هموم من يفترض منهم أن يقوموا بتوفير الحماية والأمان لهم؟.

إذا حاولنا تتبع الأسباب التي تؤدي لوقوع مثل هذه الحوادث الدخيلة على مجتمعنا، نجد أن هناك دوافع كثيرة، مثل إفرازات العولمة والانفتاح الذي يعيشه العالم كله في وقتنا الحالي، إضافة إلى زيادة الضغوط الاقتصادية بسبب ارتفاع معدلات الصرف، وتضاعف احتياجات الأسرة، مما يضع على كاهل الآباء مسؤوليات اقتصادية مضاعفة، قد تدفع بعضهم إلى فقدان السيطرة على أعصابه في بعض الأحيان، وهو ما يُسبِّب العديد من الخلافات الزوجية، وارتفاع نسبة الطلاق.

إلا أن القاسم المشترك الأعظم وراء غالبية هذه الجرائم يعود حسب إحصاءات الأجهزة الأمنية إلى تفشي وباء المخدرات، التي هي أسوأ ما ابتليت به الإنسانية على مر تاريخها، لأنها سبب رئيسي في وقوع حالات العنف، فكم من بيت أهمله الأب وعجز عن الصرف عليه وتوفير احتياجاته، وتجاهل مراعاته وشؤونه، بسبب الركض وراء متعة زائفة، وكم من طفل فقد حياته أو أصيب إصابة بالغة نتيجة الاعتداء عليه بالضرب ممن فقد عقله، وأصيب بالهستيريا بسبب ذلك الوباء.

لذلك ركّزت الأجهزة الأمنية في بلادنا على محاربة هذه الآفة واستئصالها من المجتمع، لأنها أداة رئيسية في تدمير العقول والأجساد، وسبب رئيسي في خراب البيوت وارتكاب الجرائم وتجاوز الحدود الحمراء. لذلك استنفرت وزارة الداخلية وكافة الأجهزة المختصة ذات العلاقة كل مقدراتها لأجل وضع حد لهذه المشكلة، وقام رجال الأمن الأشاوس خلال الأشهر المنصرمة بتوجيه ضربات قاضية لتجار السموم، الذين يسعون إلى تحقيق الأربح المادية على حساب الوطن ومقدراته ومستقبل أجياله.

وقد شهدنا جميعا خلال الأسبوع الماضي ما نشرته وزارة الداخلية في حسابها على سناب شات من عملية دهم أحد المنازل، وتوقيف مجموعة من المجرمين، الذين كانت بحوزتهم ما يزيد على 500 ألف حبة مخدرة، إضافة إلى ضبط مجرمين أثناء محاولة تهريب الملايين من حبوب الكبتاجون المخدرة.

وبعيداً عن أسباب الإصرار العجيب على تهريب هذه السموم إلى داخل المملكة، فهي معلومة للجميع، ولا أرى سبباً لإعادة الحديث عنها، إلا أنني أعيد التأكيد على ما سبق أن ذكرته مرارا في هذه الصحيفة الغراء، على أن ما يبذله رجال الداخلية في مواجهة هذه العصابات الإجرامية يمثل منتهى الصدق والرغبة في خدمة هذه البلاد، وحماية أبنائها، مهما كان حجم التحديات.

ربما يظن البعض أن عملية التصدي لهذه العصابات سهلة وميسورة، لكنها حقيقة في غاية الصعوبة والتعقيد، وتتطلب جهداً استخباراتياً ومتابعة على مدار الساعة والدقيقة، فهم يرصدون تحركات مهربي المخدرات قبل دخولهم أراضي المملكة، ويراقبون عملائهم وشركائهم بالداخل، ويستعينون بأحدث الأجهزة التي تعينهم على القيام بأعمالهم.

هؤلاء الأبطال يقدمون تضحيات ضخمة في سبيل أداء المهمة التي أوكلت لهم، ويبذلون الغالي والنفيس، ويضحون بحياتهم في سبيل مواجهة أولئك المجرمين الذين ماتت ضمائرهم، وعميت قلوبهم، وأصبحوا عبيدا للمادة والمصلحة الذاتية، يبحثون عن منافعهم ولو على جماجم الآخرين، ولا يشغل بالهم إن كانت الأموال التي يحصلون عليها ملطخة بدماء الأبرياء.

لكن مساعيهم الشريرة لن تنجح بإذن الله، ما دام يوجد في أوساطنا من ارتضوا أن يظلوا ساهرين بمنتهى اليقظة لأجل أن ننام ملء جفوننا، وسيكتب لهم الله تعالى أجر ما يقومون به في سبيل الحفاظ على أمن وسلامة بلاد الحرمين الشريفين.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store