Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عدنان كامل صلاح

الوحدة الاقتصادية العربية.. في النظام العالمي الجديد

A A
نشاهد يومياً تحركات ومبادرات وتصريحات تتعلق بإعادة بناء النظام العالمي على أسس جديدة، أمريكا هي حتى الآن، القطب العالمي في المعادلات الدولية، وتسعى للبقاء القطب العالمي الأوحد أو الأوسع تأثيراً في العالم، في المقابل تسعى الصين ومعها روسيا إلى الحد من هيمنة أمريكا السياسية، وحرمانها من أن تكون قطباً وحيداً.. وساعد على بروز التحدي القائم بين القوى العظمى، توفُّر وسائل الإعلام بمختلف أشكالها، واستخدام الجميع لها للترويج لأفكارهم، أو لإيصال رسائل لخصومهم، ومحاولة إقناع العالم بأن هذا الطرف أو ذاك هو الغالب فيما يجري من صراع.

نجحت أمريكا، بعد الحرب العالمية الثانية، مستعينة بخبرة بريطانيا، في إعادة بناء النظام العالمي لما بعد الحرب والذي نعيشه الآن.. وكانت قد تكوّنت بعد الحرب العالمية الأولى (عصبة الأمم)، لتصبح هيئة الأمم المتحدة، ومن ضمنها مجلس الأمن الذي اختارت لعضويته دولاً معينة، واستبعدت أخرى منها. وأنشأ الأمريكيون كيانات مالية واقتصادية وصحية واجتماعية تحت مظلات دولية، تتشارك معها دول أخرى في اتخاذ القرارات، وتساهم في تطبيقها.

الصين وروسيا لا تقبل الآن، ومعها دول عديدة، أن تقوم أمريكا ببناء نظام عالمي جديد حسب مواصفاتها فقط، ويجري الشد والجذب بين القوى الكبرى على مرأى ومسمع من الجميع، في الوقت الذي تفقد فيه أمريكا دور القطب الأوحد تدريجياً، لأسباب عديدة، ومن أبرزها الخلاف الداخلي السياسي والثقافي الذي يهدد تماسك ولاياتها.

وهذه العوامل أدت إلى فراغ في قيادة النظام العالمي، وتشكل فرصة تسعى دول أخرى لملئه كقوى إقليمية أو وطنية، الاتحاد الأوروبي دخل في إشكالية حرب أوكرانيا مع روسيا، مما يؤثر على اقتصاده ونجاحه في أن يكون قوة ثانوية إلى جانب أمريكا كما كان، وروسيا التي أعاد الرئيس بوتين بناء قوتها الاقتصادية والسياسية إلى بعض مما كانت عليه أيام الاتحاد السوفيتي تواجه مصاعب كبيرة تعيق تقدمها، بعد أن دخلت في حرب مع أوكرانيا، التي يشارك الغرب، بما فيه أمريكا، فيها بشكل غير مباشر، وليس من الواضح كيف يمكن لروسيا والصين التعاون في ظل الحرب الأوكرانية، التي تحرص الصين على تجنب المشاركة فيها.

الهند تسعى لتكون قوة عالمية باقتصاد قوي وسياسات داخلية جديدة ومتحركة، وجنوب إفريقيا أعلنت، بدعم من دول إفريقية أخرى، أنها لن تواصل القبول بالنظام العالمي الذي تكون فيه أمريكا القطب الأوحد، وتعمل دول عربية بنجاح لتحويل اقتصادها إلى قوة تخدم المواطن، وهو ما يعطى فرصة للدول الناجحة لتكون قوة إقليمية فاعلة.

ومن المؤسف أن بعض الدول العربية عاجزة عن التطور والتطوير بسبب أجندات وضعتها نخب قيادية تحت شعارات الاشتراكية وما شابهها، وأعتقد أن أمام النخب العربية الناجحة في إدارة شؤون أوطانها التفكير ملياً في توحيد قواها، وإنشاء وحدة عربية اقتصادية، ربما مشابهة في جوانبها للاتحاد الأوروبي، وكذلك مجلس التعاون الخليجي، فالعرب ككتلة -أشار إحصاء للسكان في العالم العربي أُجرِي عام 2018 أن عددهم أربعمئة وخمسون مليون نسمة)- يكوّنون ثقلاً على مستوى العالم، له قيمة كبيرة إذا تم تحسين وضعه الاقتصادي. وعملية توحيد الاقتصادات العربية سوف تستغرق زمناً، إلا أن البداية يمكن أن تكون بالتقاء عدد، حتى وإن كان صغيراً، من الأوطان العربية، لتؤسس هذه الوحدة، وسيكون للدول الأكثر نجاحاً ضمن الدول الاقتصادية الموحدة دور رئيسي في قيادة المجموعة، لتحقيق أداء اقتصادي أفضل، وتبوؤ مركز تستحقه في نظام عالمي جديد.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store