Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سهيلة زين العابدين حماد

الفنون الشعبية في المنطقتين الوسطى والشمالية في رؤية 2030

A A
من أكثر الفنون الشعبية التي تتميز بها منطقتي الرياض والقصيم هي اللون الشعبي «العرضة»، وهو رقصة شعبية كانت تشتهر بها منطقة نجد في العصور القديمة، وكانت تسمى برقصة الحرب، وهي عبارة عن استعراض للجيش قبل القتال، كان الهدف منها تهويش الجيش العدو، وكانت تستخدم في تأدية رقصة العرضة الأدوات الحربية التي كانوا يستخدمونها آنذاك، مثل السيوف والخناجر والبنادق، ويقوم الرجال بأداء القصيدة وهم رافعين سيوفهم إلى الأعلى، وفي الوسط نجد مجموعة من الرجال يؤدون الإيقاعات باستخدام الطبول، ومن أكثر المدن التي تؤدي هذا اللون من الفنون هي: الرياض ووادي الدواسر، وشقراء والزلفي، وبريدة والخرج.

وإلى جانب فن العرضة، اشتهرت أيضًا منطقة الرياض والقصيم برقصة «السامري»، وهو لون متميز من الفنون الشعبية، يؤديه أهالي منطقة عنيزة، وينقسم اللون السامري إلى عدة فنون لعل أشهرها سامر الدواسر، الذي لاقى شهرة واسعة في المدن النجدية.

هذا وتمثل منطقة الحدود الشمالية مكانة تاريخية وحضارية، حيث عرفت بمأوى الصقور وانتشار هوايات القنص، بالإضافة إلى معالمها الأثرية وطبيعتها الخلابة؛ إذ منحها موقعها الحدودي كبوابة للجزيرة العربية أهمية جغرافية محورية، حيث كان يمر عبرها خط النفط «التاب لاين»، الذي أحدث نقلة كبيرة ومهمة في تطور المنطقة وازدهارها.

ويحد منطقة الحدود الشمالية كل من العراق والأردن من الشمال، ومن الشرق المنطقة الشرقية ممثلة بمحافظة حفر الباطن، ومن الجنوب منطقتا حائل والجوف، ومن الغرب منطقة الجوف والأردن، وتضم محافظات عرعر، ورفحاء، وطريف، والعويقيلة، وجديدة عرعر، وشعبة نصاب.

والفنون الشعبية في المنطقة تتعايش مع أجواء الماضي وسحر التاريخ، حيث تعكس الرقصات والأهازيج صورًا جمالية متنوعة عن المنطقة؛ إذ لكل مناسبة أداء تراثي خاص مع عزف الربابة ذات الوتر الواحد، والموسيقى الشجية، مشيرة إلى دور العرضة في الحدود الشمالية في إحياء المناسبات بقصائدها المغناة في الأعراس والترحيب بالزوار، إلى جانب رقصة الشباب المعروفة برقصة السامري التي تمثل أهم الفنون التراثية والشعبية، ويعرف في حائل بأهازيجه الدافئة التي تعود بنا إلى الوراء، في أهمية المحافظة على الموروث التراثي الشعبي في المنطقة، لما له من طابع مميز لدى السكان والشباب، وتشهد مخيمات المنطقة تنافسًا كبيرًا في الحصول على التميز والإبداع في الفن السامري أداء ومضمونًا.

ويؤكد المهتمون أنّ منطقة حائل شهدت تنافس شعرائها في فن السامري، وهناك فرق عديدة بحائل تميزت بهذا اللون الغنائي الجميل، وأصبح لها حضور فاعل في الكثير من الصور والفعاليات والمناسبات بالمنطقة وخارجها.

ويمثل السامري لوحات جميلة وإبداعية متناغمة تشتهر به المنطقة، فهو فن غنائي تؤديه مجموعتان متقابلتان، وتقوم إحدى المجموعات بضرب الطيران «الدف» على لحن يحدده الشاعر.

ومن الألوان الشعبية التي تشتهر بها حائل، الهجيني والحداء، بألحانه الخاصة بأهل الخيل أثناء هذبها، ومن أبرز الفنون الشعبية التي يؤديها أهالي الشمال «الدحة» التي أخذت بانتشار واسع بين الأوساط الاجتماعية في وقتنا الحالي، حيث تستهوي الشباب بشكلٍ واضح، ويحرص الشباب على المشاركة بها في المناسبات المختلفة.

و»الدحة» أهازيج وأصوات تشبه زئير الأسود أو هدير الجمال، ويشارك في أدائها الشباب وكبار السن بشكل جماعي، حيث يصطف الرجال بصف واحد أو صفين متقابلين، ويغني الشاعر الموجود في منتصف أحد الصفين قصيدته المغناة، فيردد الصفان بالتناوب البيت بعده، ما بين المدح والفخر والغزل، بأسلوب قصصي، حيث تأتي حركة «الدحة» في نهاية الإنشاد الشعري، من خلال قيام «الحاشي» أو المحوشي أمام الصف أو بين الصفين برقصة، سواءً بالسيف أو العصا، مع ارتداء البشت، يلاعبه عادةً شخص آخر، وتقوم الصفوف بالتصفيق بشكل إيقاعي حركي حماسي يتوافق فيه الصف بشكل متقارب في أداء الصوت والحركة، ورقصة «الدحة» شبيهة برقصة «الدحة الفلسطينية».

كما تعد «الربابة» آلة أهالي الشمال والمفضلة، وهي آلة وترية محلية الصنع ذات وتر واحد، يجر عازف الربابة القوس على الوتر باليد اليمنى، في حين تلعب أصابع العازف باليد اليسرى على الوتر، فيتحكم بتلك الحركات المتوافقة في إصدار النغم (اللحن) الذي يريده، وتتغير الأنغام حسب تحريك الأصابع وجر القوس، وقد عرفت الربابة قديمًا.

ومن الفنون الشعبية التي يعرفها كبار السن والمهتمون بالفنون الشعبية «الهجيني» عند رعاة الإبل سابقًا، وهو لون من الأهازيج يمكن أن يغنّيه شخص أو اثنان أو أربعة (اثنان اثنان)، على ظهور الهجن، ومازال حاضرًا، ويتغنَّى به المسافر أحيانًا، عندما يقود سيارته في الطرق الطويلة.

وتقوم جمعية الثقافة والفنون بالحدود الشمالية بالمحافظة على التراث الشعبي بأنواعه، من خلال نقلها إلى الأجيال، وذلك بإشراك عدد من الشباب وتدربهم على الفنون الشعبية، وكيفية أدائها بطريقة صحيحة، ويتمثل ذلك في عدد من المناسبات الرسمية من أهمها: الأعياد واليوم الوطني، إضافةً إلى المشاركة في المهرجانات، والفعاليات الاجتماعية.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store