في السبعينيات الميلادية، كان أبي يُغادر كل أسبوع من قريتنا في أقصى شمال المنطقة الشرقية، مُتجّهاً إلى أقصى شمال منطقة الحدود الشمالية، يسلك طريقاً بلا أكتاف، وبلا علامات إرشادية أرضية، أو على جانبي الطريق ويتلوَّى كأنه ثعبان لا جحر له.
بقايا الطريق لا زالت موجودة، يلحظها المسافرون على الطريق الجديد، والذي يشمل حارات مزدوجة ومناطق أمان وطوارئ، ومنافذ خروج ودخول، وعلامات إرشادية.
كلما رأيت الطريق القديم، سألت نفسي كيف لطريق كهذا أن يستوعب مرور سيارتين في لحظة واحدة؟.
طريق مبكي جداً..
تغيّرت الحياة، وأصبحت المملكة الآن في مصاف الدول المُتقدمة في الطُرق البرية، وتجاوزنا هذا التقدّم، لتُصبح بلادنا محطّة ترانزيت نقل عالمي.
كبُرت أحلام السعوديين، وأطلق سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز رؤية السعودية 2030، والتي تستهدف تعزيز القُدرات والإمكانات والطاقات التي تمتلكها بلادنا، لتُصبح قلب العالم النابض، وهمزة الوصل بين الشرق والغرب.
حديثٌ يطول عن منجزات في قطاع النقل والخدمات اللوجستية، ولكن آخرها هو إطلاق سمو ولي العهد للمخطط العام للمراكز اللوجستية، والذي يشمل عدّة مناطق إستراتيجية في المملكة، وبعدد 59 مركزاً بمساحة إجمالية تتجاوز الـ 100 مليون متر مربع.
إطلاق مخطط المراكز اللوجستية، ترافق معه الإعلان عن مبادرة الممر الاقتصادي الذي يربط الهند في الخليج وأوروبا، لتُصبح السعودية اليوم ممراً إستراتيجياً عالمياً تعبر من خلاله البضائع والطاقة والغذاء، وتتحول البلاد بكل اتجاهاتها لخلية أعمال لا تتوقف أبداً.
سنوات قليلة مرّت، صنعنا نحن السعوديين مجدنا بأيدينا، ومستمرون بإذن الله بتحقيق الأفضل دائماً.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
