Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
إبراهيم علي نسيب

عالم افتراضي رخيص جدًا!!

همزة وصل

A A
كنا نكتب بالقلم، وكنا نتحدث عن الحبر بحب، وعن الورقة والسطور، واليوم أصبح كلنا يرسم مفرداته دون حبر وبلا قلم، ويتعامل مع التقنية ويتوحَّد معها، حتى أصبحت واقعاً نعيشه يومياً ونتعامل معه من صغيرنا إلى الكبير، صحيح أن التقنية سهَّلت كل شيء، وساهمت في الوصول إلى الأهداف بالسرعة القصوى، ومن ينسى ذلك عليه أن يتذكر الماضي، وتلك الأيام الجهمة التي عشناها بدون التقنية، وأذكر منها الكثير الذي يبكيني ويؤلمني، يوم جئت من "فرسان" إلى مدينة جدة لإتمام تعليمي في المرحلة الثانوية، وكيف كنت أعيش بعيداً عن أمي وأبي وإخوتي، كنت (لا) أراهم و(لا) أتواصل معهم!! وكان عليَّ أن أعتمد على نفسي في مواجهة الحياة، وأذكر كيف كنت أنتظر شهوراً لتصلني حوالة مالية من والدي -رحمه الله- مع أحد المسافرين من "فرسان"، تلك الأيام كانت هي القسوة التي (لا) يمكن لأحد أن يصف مرارتها وتعاستها دون أن يعيشها!! لأنها ببساطة لم تكن شيئاً سهلاً أبداً، اليوم بالطبع اختلفت الحياة جداً، وكلكم يلمس ذلك من خلال الثورة الهائلة في عالم التقنية والمعلومات، التي تدخَّلت في حياتنا، وسهَّلت كل شيء، وبالرغم من كل مزاياها، إلا أن لها سلبيات مخيفة جداً، ومؤسفة أكثر، وما علينا سوى أن نكون أكثر عقلانية في تعاطينا معها..!!

في هذا العالم الذي أصبح غرفة صغيرة جداً، بمعنى أنه لم يعد كما كانوا يصفونه بالقرية الصغيرة، لكن المؤسف بحق هو أن بعضنا وجد نفسه في عالم افتراضي رخيص جداً، يتصدَّره بعض السفهاء والسدج، أولئك الذين (لا) يستحقون أي شيء، لأنهم ببساطة فارغين من كل شيء، إلا من التفاهة، وهذه حقيقة يراها كلنا في بعض التطبيقات، التي جمعت كثيرين على موائد عفنة وكريهة، مرتادوها يمارسون الوقاحة دون حياء، وكأن الحياة بالنسبة لهم لعبة..!!

(خاتمة الهمزة).. قف حيث أنت حين تجد نفسك في صحراء رمالها تتحرك بسرعة، لأنك كلما تقدمت، ستجد نفسك في حفرة أكبر وأعمق من الحفرة الأولى!!... وهي خاتمتي ودمتم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store