Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محسن علي السهيمي

«حماس».. بين اليد العربية والخارجية!!

A A
عندما غزا الرئيس العراقي صدام حسين دولة الكويت واحتلها - مطلع التسعينيات- لم يكن أمام دول الخليج إلا الاستعانة بقوات بعض الدول الشقيقة والصديقة، وهو ما جسَّده القرار التاريخي الذي اتخذه الملك فهد - رحمه الله- حينما قرر الاستعانة بتلك القوات. هذا القرار أغاظ صدام حسين وبعض القادة العرب الذين كانوا يؤمِّلون أن تصبح السيادة في الخليج لصدام، ليتقاسموا معه الكعكة الخليجية، وأغاظ في داخل الخليج - السعودية خاصة- تلك التيارات الحركية التي كانت تتذرَّع بحجج واهية ظاهرها حُرمة الاستعانة بالقوات الأجنبية، وباطنها التمكين لصدام حسين وتفكيك دول المجلس وانهيار منظوماتها السياسية، وقفزهم إلى سدة الحكم فيها، وكان الاثنان (في الداخل والخارج) يشددان على الحل السلمي وعلى الاستعانة بالقوات العربية وحدها، لإجلاء جيش صدام. اليوم ينتقل المشهد إلى فلسطين المحتلة؛ حيث نرى قيادة حركة حماس في غزة وقد سلَّمت أمرها لجهات خارجية تحت ذريعة الدعم المباشر - ماديًّا وعسكريًّا- الذي تتلقاه من تلك الجهات، ولم تعد حماس تُصغي للعرب الذين وقفوا -ومازالوا- مع القضية الفلسطينية.

حركة حماس تتذرع بأن العرب لم يَقِفوا معها، وإن كان من وقفة فهي غير فاعلة، ولا تُنكِّل بالمحتل الإسرائيلي، في حين ترى أن وقفة غيرهم معها ذات أثر ونفع، ولها نواتج تمثلت في إثخانها العدو الإسرائيلي، نتيجة ما تتلقاه من أسلحة وعتاد وأموال ودعم من تلك الجهات.

دول الخليج في أزمتها مع الجيش العراقي كانت تبحث عن يد قوية تساهم معها في دحر المحتل وجلائه، ولا لوم عليها في ذلك، فهذا شأن سيادي، ولكل دولة أن تتخذ ما تراه يضمن سلامتها، وحماس في صراعها مع إسرائيل تبحث عن يد تساهم معها في دحر المحتل وجلائه، ولها الحق في ذلك، برغم أنها ليست هي السلطة الشرعية في البلاد؛ وإنما هي حركة مقاومة.

لكن.. وحتى نعرف الفارق بين هاتين المعادلتَين فإننا نطرح هذين السؤالين: السؤال الأول- ما حجم الدعم العسكري وفاعليته الذي دَعمت به الدولُ الشقيقة والصديقة دولَ الخليج؟، السؤال الأخير- ما الأثر المترتب على هذا الدعم العسكري؟، والسؤالان يتكرران مع دعم تلك الجهات الخارجية لحماس.

في إجابة السؤال الأول نجد أن الدول الشقيقة والصديقة دَعمت دول الخليج بقوات عسكرية ضخمة وأسلحة متطورة وفاعلة، وفي إجابة السؤال الأخير نجد أن الأثر المترتب عليها -مع الجيش السعودي والقوات الخليجية- كان فاعلًا وأثمر عن جلاء جيش صدام وتحرير الكويت في وقت وجيز.

بالمقابل نترك الإجابة لقادة حماس ليوضحوا بالتفصيل وبالأرقام حجم الدعم العسكري الخارجي لها؛ فلعل هناك أسلحة متطورة وأنظمة صاروخية متقدمة وقنابل فتاكة تم دعم حماس بها ولا نعلمها، أما الأثر المترتب على هذا الدعم فهو ظاهر للعيان؛ حيث إن المحتل الإسرائيلي ما يزال جاثمًا، وحدوده لم يُقتطع منها شبر واحد، وما تعرض له من أضرار شيء ضئيل لا يكاد يُذكر، مقابل ما ألحقه هو بالفلسطينيين في غزة وغيرها، وهنا يتضح الفارق بين صدق الدعم والجعجعة.

وبالمحصلة فإذا أثبتت حماس ضخامة الدعم العسكري الخارجي لها وفاعليته، ممثلًا في أسلحة فتاكة ومتطورة وبكميات كبيرة، وثبت أثره ممثلًا في التنكيل بالعدو الإسرائيلي وجلائه عن أغلب التراب الفلسطيني، عندها نقول إن حماس على حق، وإن كان غير ذلك فلْيَعُد قادتُها إلى رشدهم ويطرحوا عنهم خداع الشعارات.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store