Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عجب

سوار تعقب الموظفين

A A
يقول أحدهم: "بعد 4 سنوات من الخدمة، تفاجأت البارحة، بإشعار خصم 1,275 ريالا، صادر من إدارة الموارد البشرية، وللأمانة شعرت بإحباط شديد وحسرة كبيرة، خاصة أنني بإدارة إنتاجية، ومحقق نسبة 140% من المستهدف، وطبيعة مهامي الوظيفية قائمة على الاتصالات الهاتفية والزيارات الميدانية، ومع ذلك أصروا على خصم ساعات تأخير الشهر الماضي من راتبي، بحجة أن الجميع أمام النظام سواسية"!!

الحقيقة أعزائي القراء: أن مثل هذه الإجراءات التعسفية، ليست حالة فردية، بل دأبت على إقرارها من جديد غالبية المؤسسات العامة والمنشآت الأهلية، رغم تضاعف حصيلتها الإنتاجية وأرباحها السنوية، رغم حفلات الافتتاح التي لا تنقطع لفروعها الجديدة، رغم تحولها لشركة مساهمة وطرح أسهمها للتداول بالأسواق المالية!!

تأتي هذه الإجراءات التعسفية؛ في الوقت الذي أقرت فيه عدة دول تقليص أيام العمل إلى ٤ ايام و٣ أيام إجازة اسبوعية، في الوقت الذي نجحت فيه آلاف الشركات حول العالم ونمت أرباحها من خلال وظائفها التي تمارس عن بعد، وهو أسلوب العمل العصري، الذي يمكن للأفراد بواسطته العمل خارج بيئة الأعمال المكتبية التقليدية، فبإمكان مصمم ديكور "مثلًا" إنجاز تصميم ناجح، سواء من خلال حاسب بمكتب الشركة أم من غرفته الخاصة.

تأتي هذه الإجراءات التعسفية؛ في الوقت الذي بدأت فيه عدة جهات تعليمية ومنشآت تجارية اعتماد نمط التعليم أو العمل المدمج الذي يسمح بالدوام الحضوري 3 أيام والدوام عن بعد يومان، لغرض استغلال المقر الوحيد بالتناوب، واستغلال نجاح تجربة جائحة كورونا، وخفض مصروفات التشغيل والصيانة.

تأتي هذه الإجراءات التعسفية؛ في الوقت الذي تنشأ فيه الدولة العديد من المشاريع السياحية والترفيهية والتطويرية إنفاذاً لرؤية المملكة 2030م، التي أفرزت بالضرورة ازدحامًا شديدًا بالشوارع والأحياء الشمالية، وبدلاً من إيجاد حلول مرنة تسهم في فك الاختناقات المرورية، نجدهم يدفعون الموظفين والطلبة دفعاً للدوام الحضوري، وترهيبهم من مغبة الغياب بعذر أو بدونه، وكأننا لا نزال نعيش قبل نهاية الألفية الثانية وقبل اكتشاف الأجهزة المحمولة!!

تأتي هذه الإجراءات التعسفية؛ في الوقت الذي كثرت فيه الخلافات الزوجية والقضايا الأسرية، وكشرت فيها المرأة عن أنيابها لتنهش كل ما تجده أمامها: مؤخر صداق، حضانة، نفقة، أجرة مسكن، ضمان، إندومي، شبس.. وخلافه، حتى بات مقر العمل ذو الدوام المرن والبيئة الجذابة المتنفس الوحيد للموظف، لذلك تجده يعطيه كل ما يملك من ولاء، مهارة، إنتاجية، حتى ولو لم يحصل منذ سنوات على علاوة أو ترقية، إلا أنه بعد الاستخارة فضل الأمان الوظيفي والراحة النفسية.

طبعاً كل هذه المبررات الوجيهة لن تجدي نفعاً، وراح تقولك الإدارة إياها "والله ياحبيبي إحنا بنطبق النظام، ومثلك مثل غيرك، وروقنا، لا تخلينا نحطك ببالنا"!!

لذلك: أقترح على الموارد البشرية، أمام تعسفها غير المبرر في فرض الدوام بالدقيقة، وضع سوار تعقب إلكتروني بمعصم الموظف، في إطار بروتوكول تطفلي، يهدف لفرض حجر وظيفي بمحيط العمل، المطاعم، المولات، المقاهي، المنزل، بحيث يسهل تعقبه، ومعرفة الأماكن التي يرتادها، سواء أثناء ساعات العمل أو خارجها، سواء لدواعي تنظيمية، أو من باب الفضول، الترصد، الغيرة الوظيفية!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store