Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

تفاقم أزمة الوعي ـ كسلوك ـ في المُجتمع

تُعرِّف الموسوعة الفلسفية الوعي بأنه : «حالة عقلية من اليقظة يُدرك فيها الإنسان نفسه وعلاقاته بما حوله من زمان ومكان وأشخاص ، كما يستجيب للمؤثرات البيئية استجابة صحيحة» وبإسقاط هذا المفهوم على مُج

A A

تُعرِّف الموسوعة الفلسفية الوعي بأنه : «حالة عقلية من اليقظة يُدرك فيها الإنسان نفسه وعلاقاته بما حوله من زمان ومكان وأشخاص ، كما يستجيب للمؤثرات البيئية استجابة صحيحة» وبإسقاط هذا المفهوم على مُجتمعنا نجد مُعضلة انحدار الوعي الجمعي لأفراده ، على الرغم من توافر ارتال من المتعلمين من أبنائه ، الأمر الذي يدفعنا للبحث عن الحلقة المفقودة في العلاقة بين التعليم كأداة لترسيخ الوعي في المجتمع ، والسلوك المغاير لمُخرجاته ، مما يعني أننا أمام إشكالية في غاية التعقيد جراء التباين بين ما يُعلَّم وبين ما يُمارس ، ومع أهمية دور التعليم المحوري إلا أنه يجب علينا عدم إغفال دور بقية مؤسسات المجتمع وبالذات المؤسسات الإعلامية التي لا يقل دورها عن دور التعليم ؛ نظراً لسهولة وصولها إلى المُتلقي ، إضافة إلى عدم ضبط موادها التي تُقدِّمها في ظل الانفتاح المتنامي لتعاطيها السلبي والإيجابي على حدٍ سواء. لا يخفى على أحد أهمية الوعي كمُنطلق لأي تبادل بين الأفراد ، ناهيك عن المُجتمعات التي تعكس من خلال هذا التواصل لبعضها حضارتها وثقافتها بأسلوب يتساوق مع المكانة التي تتمنى أن ترقى لها فعلاً لا قولاً ، ولكن المُتتبع لأحوالنا يُصاب بحالة من التشتت لما يُشاهده من سلوكيات لا تعكس توافر أبجديات الوعي بكل مُعطيات الحياة الخاصة والعامة ، فالطالب في مدرسته يُعلَّم ضرورة المُحافظة على الممتلكات العامة وتجده أمام بوابة مدرسته لا يأبه بالكتابة عل جدران فنائها وبمُفردات خادشة للحياء ، ورجل الأعمال يسعى بكل ما أُوتي من مال وجاه للفوز بمناقصة أي مشروع ، ويلتزم بتنفيذ المواصفات المُحددة في العقد المُبرم ، إلا أن الواقع يخالف إلى حدٍ كبير ما تم الاتفاق عليه ، ولا ننسى التسويف في المُدة الزمنية ، والناخب الذي يتبلور دوره الرئيس في خدمة مُجتمعه المُحيط به تجده يحشد طاقاته في استنفار أبناء قبيلته في كل مكان عن طريق التسجيل في المركز الذي يرغب الترشح منه ؛ لدعمه للظفر بالمقعد الذي سيكون طريقاً لتحقيق أهدافه الذاتية ، والضحية هو المُجتمع بينما البقية سيتغنون طويلاً بالفوز ـ فقط ـ لأنه ابنٌ لقبيلتهم ، والتقنية التي سهلَّت علينا الكثير من المصاعب التي كنا نتكبدها في السابق تجد استخداماتنا لها لا تتفق مع أهميتها ، وما التفاعل المُتمثل في الردود على الموضوعات المطروحة وخلوها من النقد الهادف البنَّاء ، واقتصارها على الانتقاص من الذات على حساب الفكرة إلا شاهد الإثبات على تدني الوعي أولاً ، وسوء الاستخدام ثانياً. إن إعادة تشكيل سلوك الوعى الجمعي يحتاج إلى مشروع وطني متكامل تشترك في تأطيره وصياغته كل المؤسسات ذات العلاقة المباشرة وغير المباشرة ، إضافة إلى أصحاب الرأي السديد من المثقفين والأكاديميين المُتخصصين في علمي النفس والاجتماع لردم الهوة المتعاظمة بين التنظير والسلوك وجعلهما وجهين لعملة واحدة ، ولنُعبِّر من خلالها للآخر أننا قادرون على رسم رؤية مستقبلية لمُجتمع يحكمه سُلَّم قيمي يُمكِّنه من إحداث أثر إيجابي فاعل.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store