Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
طارق علي فدعق

فتـافيــــــــــت

A A
المقصود بالعنوان هو القطع المتناهية الصغر التي قد لا ترى بالعين المجردة.. حسب إطار الموضوع المعني.. وسأعود للفتافيت بعد 172 كلمة من هذه النقاط.. أبدأ بحمد الله على نعمه التي لا تحصى، ومنها نعمة عشق العلوم، وبالذات الكيمياء، ففيها الجمال، والإثارة، والإبداع، والتجدد المستمر المذهل، وخلال هذا الأسبوع جاءنا الخبر المفرح الرائع وهو فوز العالم المسلم التونسي الأصل البروفسور «منجي باوندي» بجائزة نوبل في الكيمياء للعام 2023، وتمثل الجائزة رسميًا تقديرًا لمن قدموا «أكبر فائدة للبشرية» في ست مجالات، وهي الكيمياء، والفيزياء، والطب ووظائف الأعضاء، والأدب، والاقتصاد، والسلام.. ويا خسارة لا توجد جائزة في الرياضيات.. الشاهد أن هذه هي أرقى الجوائز العالمية، وقيمتها تبلغ ما يعادل حوالى ثلاثة ملايين وسبعمئة ألف ريال.. ومنذ تدشينها عام 1901، بلغ إجمالي عدد الجوائز 615 جائزة لحوالى ألف شخص في الست مجالات، علماً بأنها حُجبت 45 مرة، أغلبها خلال سنوات الحروب الكبرى.. وإن شاء الله سيتم الإعلان عن المزيد من الجوائز خلال هذا الأسبوع.

وفي مجال الكيمياء فاز 191 عالماً وعالمة، منهم ثلاثة من المسلمين، وهم البروفسور «أحمد زويل» من مصر الشقيقة عام 1999، والبروفسور «عزيز سانجار» من تركيا عام 2015، وفي يوم السبت 4 أكتوبر سطع اسم البروفسور «منجي باوندي» التونسي الأصل؛ كأحد الفائزين بالجائزة لعام 2023.

ونعود هنا للفتافيت.. هذا العالم العبقري قام باختراع طرق عبقرية لتكوين جزيئات متناهية الصغر بأحجام مختلفة متناهية الصغر.. فتفوتة.. وميني فتفوتة.. ومايكرو فتفوتة.. وهلمّ جرَّا.. استخدم ببراعة مزايا الحجم، ومداعبة تلك الفتافيت للضوء للخروج بتطبيقات جميلة جداً.. في عالم الطب في مجالات التشخيص والعلاج، وفي عالم الشاشات الملونة المختلفة في التلفزيونات والهواتف المحمولة، وفي مجال لمبات الإضاءة عالية الفعالية بأحجامها وأشكالها وألوانها المختلفة، وفي بطاريات الطاقة الشمسية، وفي مستشعرات الضوء المختلفة في التصوير، وفي المحفزات الكيميائية، أطلق عليها اسم «نقاط الكم» Quantum Dots ، وكنتُ أتمنى أن يطلقوا عليها اسم «فتافيت الكم»، لأن النقاط تحدد عادة ببُعدين فقط، وإنما الفتافيت ممكن أن تكون ثلاثية، أو حتى رباعية الأبعاد.. حسب قدرات التخيُّل. ومن الطرائف أن هذا العالِم الفذ يتميز بصفات رائعة كثيرة، ومنها المثابرة، فهذا المشروع «ينطبخ» في معامل جامعته ومع طلبته وزملائه منذ أكثر من ربع قرن.. وللعلم فالبروفسور «منجي» يعمل بوظيفة أستاذ في إحدى أقوى الجامعات في العالم في مجال العلوم والهندسة، وهي «معهد ماسيتشوتس للتقنية».

وطرفة أخيرة هنا، أن العالم المصري الراحل البروفسور «أحمد زويل»؛ أبهر العالم بحصوله على جائزة نوبل عام 1999، عندما اكتشف وقام بقياس فتافيت من نوع آخر، وكانت زمنية، فقدم للعالَم الفيمتو ثانية.. وهي تعادل مليون مليار جزء من الثانية.. يعني كأنها ثانية واحدة في 31 مليون سنة تقريبا.. فكرتها مذهلة، فما بالك في صعوبة قياسها.

* أمنيــــــات:

أتمنى أن نفرح بهذا الإنجاز العظيم للبشرية وللعالم الإسلامي والعربي، وأتمنى أيضاً أن يتم تكريم العلماء المسلمين والعرب الذين قدموا للعالم ابتكارات في عالم الكيمياء عبر التاريخ، بإطلاق أسمائهم على شوارع وحدائق في مدننا.. وأتمنى أن نرى المزيد من الجوائز لعلماء المسلمين والعرب والوطن، بتوفيق الله عز وجل، وهو من وراء القصد.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store