شركات تقديم الخدمة للحجاج.. بين صلاحيات وحقوق المساهمين

تعتبر الجمعيات العمومية أعلى سلطة في الشركات المساهمة لإنفاذ قرارات هامة؛ لا لشيء إلا لكونها تتشكل من مجموعة المساهمين والمساهمات؛ الذين يملكون رأس مال الشركة. ومنذ التحول من نظام مؤسسات غير ربحية إلى شركات حج مساهمة مقفلة بناءً على نظام مقدمي خدمات حجاج الخارج؛ الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/ 111 وتاريخ 17/ 9/ 1440هـ، حتى تغيرت جميع الأنظمة وأساليب العمل، وحتى طرائق الإدارة حسب نظام الشركات.

وتُشكَر شركة جنوب آسيا بإرسالها تقرير مجلس الإدارة عن العام 2022م، والدعوة لانعقاد جمعية عمومية بتاريخ 4/ 4/ 1445هـ؛ حيث أوضح التقرير وأفصح عن كثير من البيانات، ومنها عدد البلاغات التي قدمت في مكة والمشاعر المقدسة، ومكافآت ورواتب أعضاء مجلس الإدارة، والقوائم المالية وتقرير المحاسب القانوني.. وقد كان في غاية الشفافية والإفصاح، وهذا ما تتطلبه الحوكمة. ولكن كنا نتمنى بدل ذكر السير الذاتية للرئيس وأعضاء مجلس الإدارة - وهي معروفة منذ الانتخابات- أن يتم وضع الإنجازات لكل عضو، وتقارير اللجان عن الأعمال التي قاموا بها، وتأثير ذلك على نمو الشركة.

وقد أحسن رئيس شركة جنوب آسيا - الأستاذ فواز دانش- بعمل لقاء ودي للمساهمين والمساهمات قبل الجمعية العمومية غير العادية القادمة - وكان عن بعد- واستمر لأكثر من خمس ساعات، حيث أوضح الكثير من الأمور المالية، والاستثمارية، والاقتصادية؛ من خلال الإجابة على أسئلة واستفسار المساهمين، وقد أعطى انطباعاً بأنهم أسرة واحدة تجمعهم مصالح خدمة ضيوف الرحمن، وهو الشرف الإلهي، ومنذ عقود. وقد كان لبقاً وجاذباً ولكن ذكياً في استقطاب نسبة كبيرة من المساهمين والمساهمات لأفكاره وآرائه - خاصة حينما تحدث عن استلامه لشركة جنوب آسيا وهي مفلسة تقريباً، وحولها الآن لكيان استثماري، من أقوى شركات الحج.

كما وعد بأن الشركة تسير نحو النجاح، ويتوقع وصول السهم إلى 100 ريال، وهو ما يفترض أن يثبته قبل طلب رفع مكافآت مجلس الإدارة في الجمعية العمومية.

هذا الطرح ربما لإغراء المساهمين بالموافقة على بنود جدول أعمال الجمعية العمومية غير العادية القادمة، والتي اشتملت على أكثر من (15 فقرة)، ومنها مكافأة أعضاء مجلس الإدارة، والتصويت على تعديل نظام الشركة الأساس.. وغيرها.

ومع أن المادة (السادسة والسبعون) من نظام الشركات الجديد تنص على: «... يجوز أن تكون المكافأة مبلغاً معيناً، أو نسبة، أو بدل حضور الجلسات، أو مزايا عينية، أو نسبة معينة من صافي الأرباح، ويجوز الجمع بين اثنين أو أكثر.. ويجوز كذلك أن يحدد النظام الحد الأعلى من تلك المكافآت، وتحدد الجمعية العامة تلك المكافآت..»، ولم تقل المادة: إن لجنة الترشيحات هي مَن تُرشّح المكافآت. وحتى لو اقترحت اللجنة، فمن الممكن قبولها أو رفضها، وتحدد الجمعية العمومية المبلغ المقترح، ويتم التصويت عليه. كما أن التصويت على الصرف المرحلي سبق أخذه في الجمعية العمومية السابقة، فهل في كل مرة لابد أن يؤخذ التصويت للصرف المرحلي، أم هي وسيلة للي ذراع المساهمين بالموافقة على البنود، حتى يتم الصرف، وهو ما ألمح له سعادته - بدون قصد- في حديثه؟، فالتأخر في صرف الأرباح يضر بكثير من المساهمين والمساهمات الذين يقتاتون عليها.

هناك الكثير من الحقوق للمساهمين في نظام الشركات الجديد، ومنها: حق الرقابة على مجلس إدارة الشركة من خلال الجمعية العمومية، وحق الدعوة إلى جمعية عمومية، وإضافة موضوع أو أكثر إلى جدول الأعمال، وحق الاطلاع على التقرير السنوي والقوائم المالية، وحق الحصول على نصيب من صافي الأرباح السنوية، بالإضافة إلى الأولوية في الاكتتاب، وشراء أسهم جديدة من المساهمين في نفس الشركة.

وحقيقةً، إن ضعف الاتصال يُحدث فجوة كبيرة بين أعضاء المجلس والمساهمين، وكان التوضيح من الرئيس بأنه لا يلتفت إلى الخطابات، ولكن للتواصل فقط عن طريق الموقع الإلكتروني وعلاقات المساهمين، أمرٌ جيد.

وهناك مطالبات من المساهمين والمساهمات أن تكون الجمعيات العمومية حضورياً، وتكون عن بعد فقط لمن هم خارج مكة، أو خارج المملكة؛ لتلافي مشكلات التقنية، كما حدث في اللقاء الأخير. كما أن خسائر مبنى الأهلة يمكن معالجتها، بإشراك بعض كبار المساهمين من ذوي الأفكار الاستثمارية الإبداعية في إدارة مبنى المشروع، وليس التحجج بمشكلات لا يمكن إدارتها.

نعم، القيادة ممكنات علمية ومهارات إدارية وخُلق إنساني رفيع.. ولكنها أيضاً تتطلب التكاتف مع المساهمين وإشراكهم في إدارة التغيير، لتحقيق رضا الرحمن أولاً في خدمة ضيوفه، واتباع توجيهات قيادتنا الحكيمة وفق أعلى المعايير، وأخيراً تحقيق مصالح الشركة والمساهمين والمساهمات.