Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عجب

وعمري اللي ضاع!!

A A
حين يستدين شخص من شخص آخر "قرضًا حسنًا" ثم يسوفه ويماطله فيضطر الدائن لسلك كافة الطرق الودية والقضائية لاسترداد فلوسه، حين يتغير وجه وطبع العم أو الأخ الكبير فور وفاة المورث ويكوش على موارد التركة ويحجبها دون وجه حق عن بقية الورثة ما يدفعهم لتقديم دعوى قسمة إجبار أمام المحكمة، حين يذهب عمر الشاب وهو يبحث عن وظيفة، عمر الموظف وهو يبحث عن ترقية، عمر المتقاعد وهو يبحث عن زيادة معاشه، فإن أول سؤال يتبادر إلى ذهنه: حقي وبأخذه طال الزمن والا قصر، لكن: عمري اللي ضاع من يعوضني عنه؟!!

لقد التفت المشرع للقضايا الكيدية، ووضع حد لمن أضاع وقت وجهد الجهات الرسمية نكاية بخصومه، فسن نظام التكاليف القضائية، كما التفت المشرع لمن أضاع الحقوق الأساسية عن من يقعون تحت وصايته أو رعايته، فسن غرامة مالية بنظام الحماية من الإيذاء، كذلك التفت المشرع لمن أضاع هيبة الجهة التنفيذية بعدم الوفاء بقرارات التنفيذ المرتبطة بالأوراق المالية والأحكام الشرعية، وذلك بفرض غرامة تأخير يومية 10,000 ريال، لكن غرامات الحق العام هذه، وغيرها، وإن نجحت أحيانا ًبردع المماطلين، إلا أن صاحب الحق لا يستفيد منها، كون حصيلتها لا تذهب لجيبه وإنما للخزينة العامة.

أما المطالبة بالحق الخاص، وهو طلب التعويض الذي يطمح إليه المتضرر، فيأتي لاحقاً بعد ثبوت إدانة المتهم بالحق العام وتغريمه، أو بعد ثبوت الحق الذي أنكره أو ماطل المدين بسداده، وهو في الغالب لا ينظر إليه مهما طالت مدة النزاع والخصومة، وإن نظر فيه فيلزم لاستحقاقه ثبوت أركان المسؤولية: الخطأ، الضرر، العلاقة السببية، والخطأ بطبيعة الحال ثابت، لكن الضرر يصعب إثباته وتقديم البينة عليه، لأنه (ضرر أدبي أو معنوي)، وليس ضرراً مادياً يمكن تدعيم صحته بعقد أو تقرير وخلافه، وبذلك يضيع عمر المتضرر ببلاش هكذا قدام عينه!!

لذا يفترض لإثبات الضرر الاكتفاء بطول أمد النزاع أو الخصومة -حتى لو كانت بمحكمة لأن غالبية المدعى عليهم يتعمدون ذلك- ويمكن الرجوع لضبط الجلسات والدفوع غير المنتجة التي يقحمونها لتتشعب القضية، حينها يتحقق الضرر على صاحب الحق؛ بإشغاله بعمره على حساب واجباته العائلية والعملية، على حساب علاقاته الاجتماعية ومشاريعه الاقتصادية، على حساب خسائره المتحققة ومكاسبه الفائتة.

لا يكفي صاحب الحق أن يتحصل بعد سنين طويلة على حقوقه، لا يكفيه تغريم خصمه بالحق العام وتوريد مبالغها للخزينة العامة، اللي يكفيه سن تعويض مجزي لعمره اللي ضاع وهو يطالب بحقه، فيما ينعم مغتصبها ومعاونيه بحياة هانئة وهادئة، يجب أن يفهم المماطل، النصاب، الفاسد، بأنه ملزم إلى جانب إعادة الحق لأصحابه بتعويضهم عن كل لحظة كانوا يجرون فيها وراءه، يجب أن يدفع ثمن ذلك اللي وراه واللي قدامه، ليلتفت حينها لشركائه معاتباً ونادباً حظه؛ ليتني ما سمعت شوركم ورجعت الحقوق دون مماطلة، والحين: عمري اللي ضاع من يعوضني عنه؟!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store