Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. محمد أحمد بصنوي

الاحتلال الإسرائيلي إلى الزوال طال الأمر أم قصر

A A
أعلم أن الاحتلال الإسرائيلي في هذه اللحظات لا يتوقف عن قصف المدنيين في قطاع غزة بكل ما أُتي الصهاينة من قوة، ليس فقط لضرب المقاومة، ولكن في محاولة لإزالة القطاع من الوجود، وترحيل سكانه إلى مصر إن أمكن، ومن ثم السعي لترحيل سكان الضفة الغربية إلى الأردن، وبالتالي تصفية القضية الفلسطينية بلا رجعة، ولكن هيهات هيهات، فالشعب الفلسطيني الصامد الذي تعرض للنكبة الأولى في 1948، لن يتعرض لنكبة ثانية، ولكنه في حاجة إلى الدعم القوي والسريع، حتى يستمر في الصمود، أمام الاحتلال الغاشم.

لكن الزلزال الذي أحدثته المقاومة في السابع من أكتوبر الماضي، لم يأخذ حقه في النقاش والتحليل بفعل عدوان الاحتلال الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، فما حققته المقاومة الفلسطينية في هذا اليوم معجزة بكل المقاييس، فالمقاومة استطاعت أن تهزم وتخدع جيش الاحتلال الإسرائيلي بأكمله، فبحسب بعض التقارير استطاع 1200 عنصر من المقاومة في الساعة السادسة صباحًا الدخول إلى أراضي الكيان الصهيوني، دون أن ينتبه جيش الاحتلال لوجودهم لمدة 6 ساعات كاملة، وهذه العملية تعد من أخطر عمليات الخداع الاستراتيجي لإسرائيل على مدى تاريخ هذا الكيان الذي لم يزد عمره عن 75 عامًا، فما فعلته المقاومة من قتل وأسر لجنود الاحتلال، أثبت زيف قوة جيش الاحتلال، ووهم قوة جهاز الموساد الاستخباراتي.

وتكثيف الاحتلال الإسرائيلي قصفه وحصاره لقطاع غزة ومحاولات الاجتياح البري، ليس دليلاً على القوة، بل على الضعف، فالاحتلال يتصرف بجنون، نظرًا للهزيمة غير المتوقعة من المقاومة، وفي مساء 17 أكتوبر 2023 هُزم الكيان الصهيوني أخلاقيًا وإعلاميًا وإنسانيًا، عندما قصف المستشفى المعمداني في قطاع غزة بشكل خسيس، حيث دمر المستشفى على المرضى والأطباء والممرضين، مما أدى لاستشهاد أكثر من 500 فلسطينياً، وهذه الضربة تعتبر من أقذر العمليات التي حدثت في تاريخ البشرية جمعاء، فالمادة 18 من اتفاقية جنيف الرابعة تنص على أنه لا يجوز بأي حال من الأحوال أن تكون المستشفيات المدنية المنظمة لتقديم الرعاية للجرحى والمرضى والعجزة والأمهات هدفاً للهجوم.

لا يوجد احتلال من الممكن أن يستمر في ظل وجود المقاومة، والشعب الفلسطيني سيتنصر، وكل شهيد هو إضافة في سبيل هدم هذا الكيان الصهيوني، فالسبيل الوحيد لحل القضية الفلسطينية هو المقاومة طالما رفض الكيان إنشاء الدولة الفلسطينية، فالاحتلال الفرنسي للجزائر استمر قرابة الـ132 عامًا، وقتل مئات الآلاف من الشهداء الأبرار دفاعًا عن أرض الجزائر، ولكن حصل الشعب الجزائري على الاستقلال بفضل المقاومة، والاحتلال الإنجليزي لمصر استمر 73 عامًا، وانتهى ايضًا بفضل المقاومة، وهذا دليل على أن الاحتلال مصيره الزوال، حال استمرار المقاومة، فالمفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي مستمرة منذ 50 عامًا على الأقل، ولم نصل إلى شيء في القضية الفلسطينية، بل كل يوم يزيد الاستيطان، ويخسر الشعب الفلسطيني المزيد من أراضي فلسطين التاريخية.

إن الموقف السعودي الداعم للقضية الفلسطينية طيلة العقود الماضية كان واضحًا جدًا، حيث وقفت المملكة إلى جانب الشعب الفلسطيني على كافة الأصعدة السياسة والاقتصادية والاجتماعية، فالمملكة كانت من اوائل المُشاركين في صفوف الجيش العربي الذي اتجه لفلسطين عام 1948 لمحاربة الكيان الصهيوني، واسترداد الأراضي الفلسطينية، ليس هذا فقط بل شاركت المملكة في العديد من المؤتمرات الخاصة بحل القضية الفلسطينية، وعلى رأسها مؤتمر مدريد وآخرها «مبادرة السلام» التي أطلقها الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله-، وتبنتها الدول العربية كمشروع عربي موحد لحل النزاع مع الكيان الصهيوني، وجدد الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء التأكيد على موقف بلاده الثابت تجاه مناصرة القضية الفلسطينية، ودعم الجهود الرامية لتحقيق السلام الشامل والعادل الذي يكفل حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة.

وأخيرًا وليس آخرًا، فإن جميع الكتب المقدسة تحدثت على أن الشعب اليهودي سيظل في شتات إلى يوم القيامة، وهذا دليل على أن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية إلى زوال، طال الأمر أو قصر، فلا تعتقد أن 70 عاماً من الاحتلال أو حتى 100 عامًا فترة طويلة في عمر الأمم، فهذه المُدة تكتب في أقل من 3 سطور في كتب التاريخ.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store