Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. محمد سالم الغامدي

أسلمة المسميات

A A
الدين الإسلامي هو الدين الوحيد الذي ارتضاه الله تعالى ليكون ديناً لكل البشرية عبر الأجيال وكلف بتبليغه كل الأنبياء لأممهم، هذا الدين يقوم على الركن الأوحد وهو توحيد الله بالعبادة والطاعة ليكون ديناً للبشرية كافة، وما جاء به جميع الأنبياء تباعاً قائماً على هذا الركن وما يتطلبه من عبادات فرضها الله كالصلاة والصيام والزكاة والحج كما ورد في قوله تعالى (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) وقال تعالى (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) واستمر ذلك التتابع في التبليغ حتى بعث الله تعالى خاتم الأنبياء والرسل محمد عليه الصلاة والسلام ليكمل ذلك الدين قال تعالى (ما كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ)، وهذا الدين كان نزوله تراكمياً حسب حاجة الأمم وطبائعها وبيئاتها حتى اكتمل في الرسالة المحمدية كما ورد في قول نبينا وحبيبنا محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم حينما قال (مثلي ومثل الأنبياء كمثل رجل بنى بنياناً فأحسنه وأجمله فجعل الناس يطوفون به يقولون ما رأينا بنياناً أحسن من هذا إلا هذه اللبنة فكنت أنا تلك اللبنة).

وعلى ضوء ما سبق من سياق الآيتين الكريمتين والحديث الشريف نجد التأكيد على شمولية هذا الدين وهذا لا يعني أنه لم يتعرض للتشويه والتحريف في بعض تعاليمه انطلاقاً من توجهات ورغبات البعض، لذا نجد أن القرآن الكريم الذي تضمن التشريع الرباني خاتماً وكاملاً وتاماً ومفصلاً كما في قوله تعالى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) وقوله تعالى (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ) وقوله تعالى (وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا) وبالرغم من ذلك فقد تعرض لبعض التشويه والتحريف نظير اجتهاد بعض الفقهاء ونقل بعض المحدثين بعد مرور قرنين من نزوله لكن الله تعالى قد تكفل بحفظ محتواه من تشريعات كما في قوله تعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ).

وعلى ضوء ما سبق استطيع القول إنه لا تخصيص لأسماء دول أو مؤسسات اجتماعية أو علمية أو اقتصادية لمسمى مسلم كدولة كذا الإسلامية ومؤسسة كذا الإسلامية بل يقال الشرعية كون ذلك التخصيص ينفي حالة الانضواء تحت ذلك المسمى ويعني الاحتكار للمسمى والمهام والإسلام، كما يعني أن غيرها من الدول أو المؤسسات المشابهة ليس إسلامياً يدخل فيه شرائع مختلفة كاليهود والنصارى والصابئين وغيرهم كثر ومن هذا المنطلق أرى أن تخصيص مسمى (إسلامي) لشيء محدد بعينه كمسمى دولة مثلاً أو مؤسسة أو مذهب أو طائفة أو غير ذلك لا يصح كون ذلك التخصيص ينفي حالة الانضواء تحت ذلك المسمى للغير كأن نقول مثلاً دولة كذا الإسلامية فمعنى ذلك أنها اختصت بهذا الدين دون غيرها من الدول ومعناه أيضاً أن الطوائف والأديان التي تعيش تحت مظلتها أو حمايتها ليست مرتبطة بها مما يجعل تلك الطوائف الدينية تملك الحق في التمرد عليها والانقياد والامتثال لطاعتها.. وفي جانب آخر نجد أن بعض المنظمات تطلق على نفسها منظمة كذا الإسلامية ثم نجدها تخصص دولاً محددة بعينها للانضمام لتلك المنظمة ونحن نعلم أن الدين الاسلامي عقيدة يحملها ملايين البشر وهم منتشرون في مختلف أقطار العالم دون تخصيص.

وحول هذا المسمى أيضاً نجد أن بعض الجامعات والمدارس والمؤسسات تطلق على نفسها هذا المسمى فهذا تخصيص يجعل بقية الجامعات أو المعاهد أو المؤسسات الأخرى المجاورة لها وغير المجاورة والتي تخضع لبلد واحد ونظام واحد وسياسة واحدة ودين واحد غير إسلامية لأن التخصيص هنا يوحي بذلك لذا أرى أن تكون مسمياتها الشرعية بدلاً من الإسلامية.. والله من وراء القصد.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store