Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. علي آل شرمة

جهود سعودية داعمة لقضية فلسطين

A A
ألمٌ كبير يشعر به كافة العرب والمسلمين وهم يشاهدون المدنيين العُزَّل في قطاع غزة يُواجهون الصواريخ والقنابل التي تُلقيها عليهم قوات الاحتلال الإسرائيلي، التي لم تستثنِ حتى المستشفيات والمساجد التي تهدَّمت، ولم تُفرِّق بين مدني وعسكري، أو بين طفل وامرأة وشيخ طاعن في السن، فكان أن سالت الدماء أنهاراً، وسقط ما يزيد على 8000 قتيل، وآلاف الجرحى، حتى الآن، إضافةً إلى دمار هائل أصاب البنية التحتية، ودمَّر المنازل والمرافق العامة، وأعاد القطاع عشرات السنين إلى الوراء.

هذه المأساة الإنسانية التي تتجدد بين كل فترة وأخرى؛ أصبحت سمة ملازمة للفلسطينيين الأبرياء، الذين ما إن تدور بهم عجلة الحياة، ويبدأون في إعمار مناطقهم، حتى تعود الحرب مرة أخرى، لتهدم ما بنوه ولتخطف أرواحهم، وتترك أطفالهم أيتاماً، ونساءهم أرامل، وترسم الحسرة والحزن في عيون لم تعرف طعم الفرح منذ وقت طويل.

ما تُمارسه قوات الاحتلال من سياسة العقاب الجماعي بحق المدنيين العُزَّل؛ هو شيء يندي له الجبين خجلاً، أما الموقف الذي اتخذته معظم الدول الغربية بالتأييد المطلق للاعتداءات الإسرائيلية، والدفاع عن دولة الاحتلال في المنظمات والهيئات الدولية، وإمدادها بالأسلحة وكافة أدوات الموت والدمار، فهو موقف يتنافى تماماً مع كل الاعتبارات الإنسانية والأخلاقية.

فمنذ متى كان القصف العشوائي لمناطق المدنيين مُبرَّراً قانونياً؟، وكيف تبرر دولة الاحتلال هذه الجرائم التي سوف يكتبها التاريخ في سجل أسود ملطخ بالدماء؟، ومن الذي يتحمل فاتورة هذه الخسائر الفادحة؟، وما هو ذنب المدنيين الأبرياء الذين تحاصرهم القنابل والصواريخ من كل حدب وصوب؟.

ما يهمني في هذا المقام هو الإشادة والتنويه بالموقف الحكيم الذي اتخذته القيادة السعودية لمناصرة إخواننا في فلسطين، بعيداً عن الجعجعة الفارغة، والتصريحات الإعلامية التي لا تُقدِّم ولا تؤخِّر، فالمملكة سارعت منذ بداية هذه الأحداث الأليمة إلى إدانة كافة التجاوزات بحق المدنيين، ودعت مجلس الأمن إلى القيام بواجباته في توفير الحماية للفلسطينيين، كما تبذل جهوداً مُقدَّرة لتنسيق موقف دولي موحّد رافض لكل أنواع الاعتداء.

وبكلمات قاطعة وواضحة، أكد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان – حفظه الله - على موقف المملكة الثابت تجاه مناصرة القضية الفلسطينية، وشدد على ضرورة وقف التصعيد القائم، ورفض استهداف المدنيين بأي شكل، أو تعطيل البنى التحتية والمصالح الحيوية التي تمس حياتهم، وأكد على ضرورة العمل لبحث سبل وقف العمليات العسكرية التي راح ضحيتها الأبرياء، مؤكداً سعي المملكة لتكثيف التواصل والعمل على التهدئة، واحترام القانون الدولي والإنساني، بما في ذلك رفع الحصار عن غزة، والعمل على تهيئة الظروف لعودة الاستقرار، واستعادة مسار السلام بما يكفل حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة، وتحقيق السلام العادل والدائم.

وأكد ولي العهد في تواصله مع قادة وزعماء العالم، على موقف المملكة الرافض لاستهداف المدنيين بأي شكل، وإزهاق أرواح الأبرياء، والتأكيد على ضرورة مراعاة مبادئ القانون الدولي الإنساني، وعلى ضرورة وقف الهجوم على قطاع غزة، مشيراً إلى أن السعودية تبذل جهوداً حثيثة في التواصل الإقليمي والدولي؛ بهدف التنسيق المشترك لوقف القتال.

وفي إطار مماثل يولي وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان اهتماماً واضحاً بهذه القضية، حيث أجرى سلسلة اتصالات مع نظرائه في الدول الكبرى، ودول المنطقة، لتنسيق الجهود، مطالباً بعدم التصعيد، ومحذراً من التداعيات الكثيرة التي سوف تنجم عن ذلك في المستقبل.

هذا الموقف السعودي القوي ينسجم تماماً مع المواقف الثابتة والراسخة التي عبَّرت عنها المملكة منذ وقت طويل، وتبنيها للقضية الفلسطينية وإيلائها ما تستحقه من اهتمام وعناية، كونها قضية العرب والمسلمين المركزية، مع التشديد على ضرورة حصول الشعب الفلسطيني على كامل حقوقه الشرعية التي أقرته المنظمات الدولية، وهو ما أكسب الموقف السعودي مصداقية كبيرة، وجعل القيادات العالمية تتجه إليها نظراً لوزنها الدولي والإقليمي.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store