Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عدنان كامل صلاح

الصين.. مسافة الطريق

A A
تتنافس قوتان إقليميتان، غير عربية، على الادعاء بتبني حركة حماس الفلسطينية، وإعلان تأييد كل منهما على حدة لمطالب الشعب الفلسطيني، التي يراها كل منهما من زاوية مصالحه الخاصة. وتنجرف الجماهير العربية المتألمة لمنظر الدماء النازفة في الأراضي الفلسطينية إلى الهتاف لمن كان صوته أعلى بدون فهم الأهداف الخفية لكل عاصمة إقليمية من هذه العواصم. وتجري الأمور على أرض الواقع بالشكل الذي تخطط له قوى دولية تقف إلى جانب إسرائيل.

صورة الشرق الأوسط تتغير عبر سيل دماء عربية في أكثر من بلد، في نفس الوقت الذي تتغير فيه صورة العالم بفعل ضعف النظام العالمي القائم. وأكدت حرب أوكرانيا التي يسيل فيها الدم الأوكراني على تصميم الغرب، بقيادة قوية من واشنطن، المحافظة على تفوقها العالمي اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً. وبينما كانت الأنظار تتجه إلى آسيا، حيث أخذ التنافس بين الصين وأمريكا يتضح ويتحدد، لا في المجال الاقتصادي فحسب، بل والعسكري أيضاً، جاء «طوفان الأقصى» مفاجئاً للدول الكبرى المتصارعة، وليس إسرائيل فحسب، وسارعت الدول الإقليمية غير العربية إلى تبني هذه العملية الفلسطينية، وإلهاب الحماس في الشارع العربي. وأدى كل ذلك إلى مسارعة أمريكا بإرسال الأساطيل الضخمة إلى مقربة من الأحداث، وطلبت من حلفائها الأوروبيين القيام بنفس الشيء.

لا حماس ولا الفلسطينيين لديهم أساطيل بحرية أو جيوش ضخمة، لكن المتبني إعلامياً لحركة حماس يكسب من هذه المظاهر؛ الكثير جماهيرياً، وعندما ضرب الأمريكيون مواقع للرد على النظام في طهران كان الضحايا في تلك المواقع عرباً أيضاً.

من المعروف أن هناك مجموعة من النخبة السياسية في واشنطن ومنهم الرئيس السابق، باراك أوباما، لا يهتمون كثيراً بالكيان الإسرائيلي، ولا يؤيدون تعاون أمريكا مع دول الخليج، خاصة الدول العربية السنية بشكل عام. لذا فتحوا أبواباً خلفية مع النظام الإيراني في طهران، وأدخلوا عدداً لا يستهان به من الأمريكيين، من أصول إيرانية، في مفاصل الحكومة الفيدرالية الأمريكية، وعدد من مراكز الدراسات الهامة. ودفع هذا الأمر إلى سماع أصوات إسرائيلية في الإعلام الأمريكي والإسرائيلي تتساءل عما إذا كانت أمريكا تسعى لتبني النظام الإيراني ليصبح قوة إقليمية موالية، حتى وإن كان سراً، بدلاً عن إسرائيل؟.

التحولات المتوقعة في العلاقات بدول الشرق الأوسط؛ تشكل فرصة في مرحلة إعادة بناء النظام العالمي الجديد، لتسعى قوى أخرى، وهي الصين وروسيا، إلى تأكيد تواجدها في المنطقة لإحلال نفوذها محل النفوذ الغربي. وسارعت الصين إلى إرسال ستة سفن حربية إلى منطقة الشرق الأوسط منذ بضعة أيام. وأقامت بكين احتفالاً ضخماً لاستقبال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عند وصوله إلى الصين، خلال الفترة التي كان فيها الرئيس الأمريكي، جو بايدن، يزور إسرائيل.

وتتمتع الصين بوجود قوي في المنطقة، وكثير من العواصم العربية تنظر بود إلى التعاون العربي - الصيني. وهناك مشاريع ضخمة للصين في أكثر من بلد عربي، وخاصة المملكة وعدد من دول العالم الأخرى. وهو ما يجعل التنافس بين أمريكا - (مع أوروبا) - والصين - (مع روسيا) - في وضع قواعد نظام عالمي جديد في مصلحة الجنوب الدولي، والدول العربية جزء منه، فالصين ليست قوة اقتصادية ضخمة فحسب، بل هي قوة عسكرية صاعدة.

ويقول التقرير السنوي للبنتاجون الأمريكي عام (2021) إنه من المتوقع أن تتكون الأساطيل الصينية بحلول عام 2030 من 440 سفينة. وهي من الآن تمتلك أكبر أسطول بحري في العالم، حسب تقرير معهد الولايات المتحدة البحري عام 2021. (الأساطيل الأمريكية مكوَّنة من 296 سفينة، إلا أنها تعتبر الأقوى عسكرياً).

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store