Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
فاتن محمد حسين

علاقة الرئيس بالمساهمين.. من مقومات النجاح

A A
تعتبر القيادة إحدى أهم الوظائف التي يشغلها أفراد معينون، بحيث تساعد المنظمة على تحقيق خططها الاستراتيجية وأهدافها. وقد وُجِدَت القيادة منذ أن وُجِدَت الإنسانية، فالشعوب والجماعات لابد أن تلتف حول شخصية معينة تسترشد بأفكارها وعلمها وخبرتها في إدارة المجموعة، وقد عرَّف «توماس جوردن» القيادة بأنها: «الوظيفة التي يستخدم فيها الشخص ما يملك من سمات وخصائص اكتسبها بالخبرة والتعلم»، وحتماً يدخل فيها التخصص العلمي، والقدرة على إدارة النشاطات المتعلقة بالمنظمة وتحقيق أهدافها من خلال التخطيط، والتنظيم، والتوجيه، والتنسيق، والرقابة والمتابعة، واتخاذ القرارات.

ولكي ينجح القائد في تحقيق رسالة المنظمة، لابد أن يمتلك من الخصائص والسمات الشخصية ما يجعل المجموعة التي يقودها تلتف حوله وتدعمه، ولعل من أبرز تلك السمات أن يوفر القائد حرية الفكر والنقد البناء، بل أن يطالب بها شخصياً من أعضاء مجموعته، وللأعضاء حق التعبير عن آرائهم وإبداء اعتراضاتهم، وعليه الرد على تساؤلاتهم واستفساراتهم.. وهذا يعتبر أمراً أساسياً في القيادة الديمقراطية.

وقد أقيمت مؤخراً جمعية عمومية لإحدى الشركات، سَخِر فيها الرئيس من أسئلة الحضور بأسلوب أقل ما يُقال فيه أنه خارج عن اللياقة.. فالتهكم والازدراء بالآخرين هو أسلوب العاجز الذي لا يستطيع الرد!! ربما لعدم المعرفة أو لاتباع سياسة القطيع، وما أُريكم إلا ما أرى!! وأما صفات القائد الناجح هو كسب قلوب من حوله، وتوفير مناخ مناسب لهم لحرية الرأي، خاصة إذا كانت الآراء والأسئلة المطروحة في صلب بنود اللقاء، سواء إن كانت جمعية عمومية أو غيرها ووفق الأنظمة والتعليمات.. وخاصة إذا كانت الآراء فيها نُصح فيما يتعلق بسياسات تعارض المصالح، والسلامة المالية، ومكافآت اللجان.. وكلها في صلب بنود الجمعيات العمومية، وهي أمور أساسية في الحوكمة الرشيدة.. ولكن للأسف فإن نهر السائل، أو التقليل من شأنه، أو التأفف والتململ من الأسئلة، ربما يدل على إخفاء أمور معينة، وهذه قد تنطلي على العامة الذين تهمهم مصالحهم المادية قبل أي شيء آخر.. ولكن مَن يمتلكون مهارات التفكير الناقد، ولديهم أسئلة تحليلية بناءً على معطيات معينة، فإن ذلك يعطي انطباعاً بالغرور والتكبُّر، وهذا من أسوأ صفات القائد المسلم. وأما المطبّلين والغوغائيين، وأغلبهم أصحاب مصالح شخصية، كانوا قد طبّلوا للمجلس السابق، الذي أوصل الشركة للإفلاس، وها هم الآن يمارسون نفس الأسلوب.. فلنحذر منهم.

والقائد الحصيف لابد أن يدرك أنه لن يكون دائماً على صواب ١٠٠٪، وأن آراء الآخرين ستثبت له صحتها في القريب العاجل، لأن نظام الجمعيات العمومية قد كفل للمساهم حق طرح الأسئلة، ومن واجب الرئيس الإجابة عليها، حتى ولو كانت عبر وسائل التقنية الحديثة.. ولكن لماذا يكتم الصوت ويمنع المساهمين من المشاركة الصوتية!؟ ويترك لهم فقط الكتابة!؟ تصرفات تعسفية يجب رفعها للمسؤولين، وخاصة في وزارة التجارة، لضبط عمل الجمعيات العمومية بوسائل التقنية، والتي فُرضت رغماًً عن المساهمين.

أعود للتهكم والازدراء، والذي أعطى انطباعا عن صورة مهزوزة، أو ربما ينقلب السحر على الساحر، وخاصة إذا كان التهكم في وسائل التقنية الحديثة، وهي ترصد وتسجل كل كلمة، أو ربما يقيم الشخص دعوى قضائية ضد المتهكم، أو رفع شكوى للجهات المختصة.. وحتى لو افترضنا جدلاً بخروج السؤال عن البنود، فيكون ذلك بأسلوب لبق، مثل توجيه السائل إلى نص مادة معينة، أو لائحة تنظيمية أو غيرها؛ دون المساس بشخصية السائل، والتقليل من شأنه.. خاصةً إذا كان قد التزم بأدب الحوار.

وقد علمنا القرآن الكريم أسلوب الأسئلة في مواقع متعددة، وأسلوب الإجابة، فحين سأل الله سبحانه وتعالى نبيه موسى: وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَىٰ، قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَىٰ.. فالله سبحانه وتعالى يعلم الإجابة، ولكنه أراد التمهيد لشيء عظيم من الممكن أن يحدث، وهو تحويل العصا إلى معجزة.. كما عزز القرآن أسلوب السؤال، وضرورة الإجابة عليه في آيات متنوعة منها: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ). كما أن دعاة الذكاء العاطفي ومنهم «فليمينغ» يرون «بأن القادة الأكثر فعالية هم مَن يُدركون عواطفهم وعواطف من حولهم، ويوظفونها ويفهمونها ويديرونها، فتكون النتيجة قادة يقودون بطريقة ملهمة وذكية»، فهل يعي ذلك كل مسؤول، وأن نجاحه مرهون بحسن تعامله مع المستفيدين، ويكفينا قوله تعالى: «وقولوا للناس حسناً».. ومنها الاعتذار، وهي من شِيَم الكرام.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store