Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالله الجميلي

رسالة ذلك الجواتيمالي لقطاعنا الوظيفي

A A
* قبل سنوات كنتُ في رحلة عمل إلى جمهورية جواتيمالا الواقعة في أمريكا الوسطى، وعند مغادرة مطار عاصمتها، وبعد استلام بطاقات صعود الطائرة، وإنهاء إجراءات الجوازات، تفاجأتُ ورفيق سفري بموظَّف الخطوط الجواتيماليَّة يأتي إلينا في صالة السفر، ليخبرنا بأنَّه يلزمنا تأشيرة دخول لدولة السلفادور، التي سنظلُّ في مطارها عدَّة ساعات، ومنها سنعبر في طريقنا إلى جمهورية نيكاراجوا؛ ممَّا سيوقعنا في إشكالات كبيرة هناك، وذلك بحسب ما أفاده مكتبهم هناك، الذي اتَّصل عليه حرصًا منه علينا -كما قال- فكان اقتراحه بأنْ نمتطي رحلة مباشرة إلى نيكاراجوا، وهذا ما تمَّ بمساعدته الكبيرة لنا.

*****

* ذلك الموقف، وتلك المبادرة الرائعة والخدمة العظيمة التي قام بها لنا (ذلك الرجل الطيِّب) الذي لا نعرفه، والذي هو بعيد عن ديننا وعرقنا وجنسيَّتنا ولغتنا، رسَّخت إيماني بأنَّ هناك نوعًا من ثقافة العمل تجري في عروق بعض المجتمعات، تصنع موظَّفًا لا يكتفي بمجرَّد إجراءات عمله الروتينيَّة، بل يتجاوز ذلك ليكون (إنسانًا) همُّه مساعدة العملاء، والبحث عن رفاهيَّتهم، ومعالجة أيَّة عقبات قد تعترض طريقهم، حتى ولو كانوا يجهلونها.

*****

* ثقافة العمل تلك جاء بها ديننا الإسلامي، فالرسول -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: (إنَّ اللهَ تعالَى يحبُّ إذَا عملَ أحدُكُم عملًا أنْ يُتقِنَهُ)، ولكن -وللأسف الشديد- ذلك التوجيه، وتلك الثقافة تغيب في ميدان التطبيق عن شريحة من موظَّفينا، الذين يهملون واجباتهم الوظيفيَّة، ويرون في العمل مجرَّد ساعات يجب أنْ تُستهلك من اليوم بأيَّة وسيلة كانت، إلَّا أداء مهامهم ومسؤوليَّاتهم!!.

*****

* تلك الفئة المفرِّطة في عملها ورسالتها، لن تنجح معها، ولن تُجدي أنظمة البصمة، وغيرها من أدوات إلكترونيَّة طبَّقتها أو ستطبقها مؤسَّساتنا الحكوميَّة على منسوبيها ولعدَّة مرَّات؛ لتأكيد حضورهم في مكاتبهم؛ بل أجدُ أنَّ مثل تلك الخطوات أو الإجراءات ستزيد أولئك إصرارًا على المكابرة، وستجعل منهم مجرَّد أجسام حاضرة على المكاتب، لكنَّها من الإنتاجيَّة خاوية!!.

*****

* فما أراه أنَّ رفع إنتاجية الموظف تأتي من محاولات زرع ثقافة وحب العمل، والولاء المؤسسي في شرايينه، وكذا إعطائه حقوقه كاملة غير منقوصة، ثمَّ وضع حوافز مادية ومعنوية ترتبط بمعدلات إنتاجه الأسبوعية، بحيث يكون هناك حد أدنى من الإنجاز لابد أنْ يصل إليه، فإذا تجاوزه استحق الحافز بنسب معينة.

*****

* صدِّقوني تنفيذ مثل تلك الخطوات سترفع من عطاء الموظَّفين، وستضمن تنافسيَّتهم في العطاء، التي يحتاجها وطننا اليوم في سعيه الجاد لتحقيق رؤيته الطموحة 2030م، وصولًا لمحطَّة تنميته الشاملة والمستدامة، فهلَّا سارعتْ مؤسَّساتنا بتطبيق تلك الخطوات وغيرها؛ لتكون حكاية (ذلك الموظَّف الجواتيمالي) هي الثقافة السائدة في مجتمعنا الوظيفي؟ وسلامتكم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store