Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عجب

صرخـة مطلَّقة!!

A A
وثَّق مقطع فيديو، امرأةً تطلب من الفنان عبدالمجيد عبدالله، في حفلته الأخيرة بمسرح بوليفارد وورد، أنْ يغنِّي لها أغنية «فزيت من نومي أناديك»، وكانت المرأة قد أطلقت صرختها من بين الحضور قائلة: «أنا تطلَّقت الأسبوع اللي فات، وأبيك تغنِّي لي فزيت من نومي أناديك»، فبادرها الأخير بضحكة مصطنعة، فيما علت ضحكات الاستهجان والاستخفاف الجماهيريَّة، فيما رأيتها من جهتي فرصة سانحة لسبر أغوار هموم وعقليَّة المرأة المطلَّقة!!

لقد عدتُ عبر محرِّك البحث (قوقل)، لكلمات أغنية (فزيت من نومي أناديك)، لأجدها تحاكي معاناة كل امرأة مطلَّقة داست على نعمة الحياة الزوجيَّة، وهي تلهث دون وعي خلف سراب الحريَّة والرَّاحة النفسيَّة، قبل أنْ تصطدم بواقع معيشي غامض ومجهول، يحتم عليها لعب دور المراهقة والأم والأب معًا!!

هذه المرأة المطلَّقة ومثيلاتها: كانت رغم رغد العيش والعِشرة الحسنة التي يحاول الزَّوج جاهدًا توفيرها، دائمة التأفُّف والامتعاض لأتفه الأسباب، وكل اللي على لسانها: متى يطلِّقني وافتك منه، ما عاد أحبُّه ولا أواطنه بعيشة الله، وبعد أنْ وقع الطلاق نراها اليوم تعيشُ الوحشة في غمرة الحشود الغفيرة، مردِّدة خلف الفنان: (يا صاحبي ماني على خبرك، أثَّر عليَّ فقدك، حزينه نظرتي، صوتي عتب مليان، بعدي وقربي استوى، في كفة الميزان)!!

هذه المرأة المطلَّقة ومثيلاتها: كانت لا تعير بالًا لتوسلات زوجها المنطقيَّة، الهادفة إلى ديمومة الحياة الزوجيَّة، وحل مشكلاتهما الأسريَّة بالطرق الوديَّة، كانت تسير على عماها خلف نصائح شلل المخببين والنسويَّة بمواقع التَّواصل الاجتماعيَّة، وبعد أنْ وقع الطلاق، نراها اليوم وحيدة تعضُّ أصابع الندم والغبنة، مردِّدة خلف الفنان: (والله يا لولا الخجل منك، ومنِّي قبل منَّك، لا أجيك استسمحك، وأقول لك ندمان، أُرضي غرورك أُسعدك، رغم إنَّك الغلطان)!!

هذه المرأة المطلَّقة ومثيلاتها: كانت تعيش كغزالة الريم في محميَّة زراعيَّة، يجرم الصيد فيها وفق الاعراف السائدة والتقاليد الفطريَّة، قبل أنْ يغويها غرورها وغباؤها وتنجح بخلع شبك المحميَّة، وتصبح عرضةً لهجوم الصيَّادين والوحوش الكاسرة، خاصَّة حين تضيق بها الحياة، وتُصاب بعيار الفقر والعازة، لتردِّد خلف الفنان: (يا ليت عمري انتهى عندك، وأنا بدفى حضنك، ولا عشت بزمن، بأحكي اللي هذا كان، أوصلك فيه وتردني، عنك آخر البيبان)!!

كانت قاعة مسرح بوليفارد وورد، تعجُّ عن آخرها بالنساء، والأكيد أنَّ (صرخة المطلَّقة) التي دوَّت عاليًا بالقاعة، لم تكن الوحيدة، بل هناك مئات الصرخات النادمة، التي اعتلت صدور الحاضرات، خاصَّة ممَّن فقدنَ بعنادهنَّ جنَّة حياتهنَّ الزوجيَّة البسيطة، وأصبحن يعانين الشوق والضيم واللهفة وسط الزحمة، مردِّدة كلٌّ منهنَّ خلف الفنان: (فزّيت من نومي أناديلك، ردَّ الصدى عنك وجيت أدورك، مشتاق لك ولهان، لكن ذكرت أنت وأنا، ما عادنا خلان)!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store