Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. أيمن بدر كريّم

لا تحاول!

A A
- لا تظنَّ أنَّه بالنقاش والجدال، يُمكنك توضيح وجهة نظرك لمَن لمْ يستوعبها من المرَّة الأولى.. الناسُ يفهمون الكلامَ استنادًا على ثقافاتهم الموروثة، وبحسْبِ عُقدهم النفسيَّة، وقناعاتِهم الفكريَّة، ومصالحهم الشخصيَّة، ويهمُّهم -في العادة- دحضُ كلامك وليس فهمه.. وهدفُهم من النقاش الإفحامُ لا الإفهام، فلا تُحاول، ولا تهتمَّ كثيرًا.. لا فائدة.

- وبغضِّ النَّظرِ عن فصاحة لسانك، لن يفهمُوك.. سيفهمونَ إسقاطاتهم على النَّصِّ.. ويستوعبُون ما يختلقُونه في خيالاتِهم.. ويُترجمُون مفاهيمهم المُقولَبة.. ويحكمُون بما سبق واحتلَّ عقولَهم.. لا تحاول.. لن يفهمُوك أبدًا!. فأحدُهم ليس متعصِّبًا فحسْب، بل غبيٌّ أيضًا.. لذلك، ليس هناك أملٌ حقيقيٌّ في تعليمِه وإفهامِه، أو اكتسابِه بعض الحكمةِ والمنطقِ.. ولا تُحاول قشعَ الأوهام عن بعض العُقول.. وإلَّا آذُوك!.. لا تُحاول.. لا فائدة!.

- لو قدَّر اللهُ عليك وعملتَ في بيئةٍ وظيفيَّةٍ سامَّةٍ، فلا تتبرَّع بالعطاء ولا تُفرط في الاهتمام، حتَّى لا تظهر بمظهر الموظَّف النَّجيب، أو تلفت أنظار «الضِّباع» من حولك فيُحاولُون نهشك.. لا تُحاول أنْ تكونَ شهمًا في حارةٍ من الأوغاد، فتصل بنفسك إلى الاحتراقِ الوظيفيِّ، ففي الغالب لن تحصل على تقديرٍ معنويٍّ أو ماليٍّ مُعتبرٍ، بل يُمكن الاستغناء عنك ببساطة، فقُم بعملك بهدوءٍ وإتقانٍ، وبِلا ضَرَرٍ ولا ضِرَار، ولا تحاول!.

- بعضُ الناس يتملَّكهم حبُّ التشكِّي، ويقعُون في غرام التذمُّر من مُشكلاتهم وتكرار الحديث عن معاناتهم، دون جدِّية في طلبِ الحلول، ولا محاولة البحث عن مَخرج، هم فقط يتلذَّذُون بالابتزاز العاطفيِّ، فلا تُحاول تكرار النُّصح لهم أو التبرُّع بمساعدتهم.. أعانهم الله على أنفسِهم.

- الإيمانُ مُسَلَّمةٌ شخصيَّةٌ لا يُمكن إثباتها ولا نفيها علميًّا.. فلا تحاول عرضَها على الدلائل العلميَّة، فتلك مُحاولةٌ عبثيَّةٌ وغير مُجديةٍ. وأرِح نفسك، لا تُحاول تبريرَ قناعاتك أو تفسير آرائك وشرح مشاعرك وأفكارِك لغيرك.. إنَّها مُحاولةٌ -في مُعظم الحالات- عقيمةٌ.. عمومًا، جرِّب!.

- سوف تُجرِّب.. وتُحاول.. فتُحاول.. ثمَّ تُحاول، وتتعب.. وتملُّ.. وتُحبَط.. وتيأس.. ثمَّ تستسلم.. وتهدأ.. وتنام.. للأبد.. وتنجو من الحياةِ بالموتِ.. لا تقلق.

وأخيرًا: إنَّ الكتابةَ أمرٌ خطيرٌ، وإنْ استطعتَ، لا تكُن كاتبًا أبدًا.. ولا تُحاول.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store