Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالرحمن عربي المغربي

عدنان اليافي.. جدة في أعين الرحالة

A A
ماذا أكتبُ عن هذا الرَّجلِ الجدَّاويِّ المشرقِ في كلِّ ما يطرحه، وبكلِّ هدوءٍ وشفافيَّةٍ، بروحه الرَّقيقة، ومفرداته الجميلة، فليس لديَّ القدرة الفلسفيَّة لأستعرضَ بعضًا من شخصيَّة المؤرِّخ والباحث عدنان عبدالبديع اليافي، ولكنَّ الكتابة عنه بمثابة الغوص في التَّاريخ، فقد امتزجت شخصيَّته بقِيَم استقرَّت في وجدانه نسيجًا، فيما جُبِلت عليه نفسُه من صفاءٍ ونقاءٍ، وحبِّ وعشقِ جدَّة، وانبثق من هذا العشق شيءٌ مختلفٌ، وطرازٌ آخر في مؤلَّفاته، هناك أناسٌ يمتلكون كاريزما بعينها، وحضورًا جميلًا حينما يحلُّون أو يرتحلُون.. عدنان أحد هؤلاء، أحبَّته جدَّة كما أحبَّها، وكانت له ذكرياتٌ تُذكِّره دائمًا بأيَّامها الجميلة ولحظاتها السَّعيدة، مناسبات وذكريات جمعتني بالمهذَّب أبي عبدالبديع، وفي كلِّ مرَّة كان يزيد رصيد معرفتي به أدبًا وخُلقًا وتجربةً، وهو من أولئك القِلَّة الذين يُغادرُون المكان، ولا يقلُّ حبُّهم في قلوب مَن أحبُّوه، واليومَ يتحفنا بهذا المؤلَّف الجديد -جدَّة في أعين الرَّحالة- جدَّة الزَّمان والمكان، كتاب يصدر وكلُّه أصالة وشموليَّة؛ لأنَّ عدنان اليافي الذي ارتبطَ بجدَّة رسَّخ اسمه وبصمته عبر حبِّ المكان، وومضه ووهجه، فاستحقَّ كلمة الحبِّ والوفاء، ولا شكَّ أنَّ إسهامات الدكتور اليافي بالتَّاريخ وقدرته العالية، وتحرِّي الدقّة والموضوعيَّة، لها أثرٌ كبيرٌ في التَّوثيق، ولعلَّ من مظاهر اهتمامه الواضح بالتَّاريخ، أنَّ له عدَّة مؤلَّفات في هذا الجانب، ومن أبرزها كتابه: «الأسرة العربيَّة - النشأة والتكوين»، وكتابه: «المدينة المنوَّرة في أعين رحَّالة غربيين»، الذي قدَّم من خلاله نبذةً تعريفيَّةً عن تاريخ المدينة المنوَّرة وموقعها وسكَّانها، وتاريخ المدينة المنوَّرة في عهد الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه-، وكتابه: «جدَّة في شذرات الغزَّاوي»، هذا الكتاب الذي يستحضر إحدى القِمم الشَّامخة في المسيرة الأدبيَّة السعوديَّة، وإعادة تقديمها للنَّاشئة والأجيال الجديدة كرمزٍ ومثالٍ وقدوةٍ.. وذلك من خلال ما قاله الشَّيخ الشَّاعر الأديب الغزَّاوي في شذراته عن مدينة جُدَّة وتاريخها، وكتابه: «جدَّة في صدر الإسلام»، الذي لا تملُّ من قراءته، وفيه موقع مدينة جُدَّة، وأصل التَّسمية وصحَّتها، ومصادر تاريخ مدينة جُدَّة، ومؤرِّخو جُدَّة، وسور جُدَّة، ومقبرة أمِّنا حوَّاء، ومساجد جُدَّة التاريخيَّة، وتاريخ ميناء جُدَّة، وجُدَّة وطريق الهجرة النبويَّة.
لا شكَّ أنَّ مدوَّنات ووقفات الدكتور عدنان الاجتماعيَّة والحضاريَّة والتاريخيَّة تُضاف لمسيرته الطَّويلة، ومشاركته في كثيرٍ من الدِّراسات لها تميُّز وعلامة فارقة، إضافةً لخبرته المميَّزة في أبحاث تنظيم الحجِّ، واهتمامه بتاريخ مدينة جدَّة، شغوفًا بها.. أحبَّها فأحبَّته، وأحبَّه أهلُها، وإنَّني لأكتبُ هذه السطور المتواضعة تعبيرًا عن المحبَّة والمودَّة التي جمعتني بهذا الرَّجل الأنيق.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store