Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محسن علي السهيمي

العُرْضِيَّات.. جمعُ ما ليس بجمع!

A A
تأسست (محافظة العُرْضِيَّات) - بحسب ما يذكر المؤرخ عبدالله الرزقي- سنة (١٣٤٣هـ بمسمَّى إمارة العُرْضِيَّة)، وفي عام (١٣٨٥هـ) أصبحت العرضية عرضيتَين تُصنَّفان مركزَين هما: مركز العرضية الجنوبية (الذي تحول مسماه أخيرًا - بقرار وزاري- إلى مركز ثُرَيْبَان)، ومركز العرضية الشمالية (الذي تحول مسماه أخيرًا - بقرار وزاري- إلى مركز نَمِرَة)، وفي العام (١٤٣٣هـ) تحول المسمى إلى (محافظة العُرْضِيَّات).

الشيء الجدير بالملاحظة هو مسمى (العُرْضِيَّات) الذي أصبح دالًّا على المحافظة؛ فهذا المسمى كان من المُستحسَن أن يكون هكذا (العُرْضِيَّة) كون المحافظة عُرِفت أول ما عُرفت به، وهو الذي يشدد عليه المهتمون بهذا الأمر من سكان المحافظة، وكان – وما يزال- هو السائد والمتداول بينهم، ويحمل معاني الأُلفة والوحدة، بل ذكر لي المؤرخ عبدالهادي بن مجنِّي أن اسم (العُرْضِيَّة) ضارب في القِدم ويمتد إلى «زمن السلطان المملوكي الظاهر بيبرس البندقداري - سلطان مصر والشام- في مطلع القرن الثامن الهجري». على الأقل كان من الممكن أن يكون مسمى المحافظة هكذا (محافظة العُرْضِيَّتَين)؛ كون المحافظة - قبل ترقيتها لمحافظة- كانت تتكون فعلًا من عرضيتَين فقط، مع أن مسمى (العُرْضِيَّتَين) هذا لا يحظى بالقبول أيضًا، ولا أراه مناسبًا؛ كونه لا يختلف كثيرًا عن مسمى (العرضيات)، ولا يحمل معاني الأُلفة. المؤكد أن مسمى (العُرْضِيَّات) لم يكن متداولًا داخل المحافظة قبل أن تُسمى به؛ إذ ليس هناك - كما أسلفت- سوى عُرْضِيَّتَين فقط، لذلك - منطقيًّا- لا يصلح لهما الجمع (عُرْضِيَّات)، ولأن مسمى (العُرْضِيَّات) جاء جَمْعًا لما ليس بجمع، فإن الخلط في نطقه يحدث كثيرًا؛ حيث ينطقها البعض هكذا (العَرْضِيَّات) بفتح العين، قياسًا على الكُرات العَرْضية التي تتعلق بكرة القدم.

الذي يظهر لي هو أن هذا المسمى (العُرْضِيَّات) لم يأتِ من داخل المحافظة؛ وإنما جاء من جهة خارج المحافظة، ربما أنها تعودت على استخدامه للإشارة للمحافظة - حتى قبل ترقيتها لمحافظة- ولم تجهد نفسها في الاستيضاح عنه وعن وجاهته وانعكاساته مستقبلًا. هنا ربما يطرح القارئ سؤالًا عن جدوى تغيير المسمى، فأقول: إن التغيير لن يكون بدعًا؛ فالتغيير أمر مألوف وحاصل حتى على مستوى الدول، بل في داخل المحافظة تم تغيير مسمَّيَيْ مركزي (العرضية الجنوبية والعرضية الشمالية) إلى (مركز ثريبان ومركز نمرة) بناءً على ما رفعه محافظ العرضيات علي بن يوسف، وهو الأمر الذي سبق أن كتبتُ عنه من قبل عبر «المدينة»، وأكدت فيه على ضرورة تغيير مسميي المركزين المذكورين، ثم إن الاسم عندما يتولد من البيئة الأصل ويُبنى على الاسم الأعرق وفق منطوق ساكني المحافظة؛ يكون أصدق وأدعى للتلقي والقبول.

أيضاً - كالعادة- قد يطرح القارئ (من داخل المحافظة) سؤالا مفاده: هل اكتملت خدمات المحافظة حتى تكتب عن تغيير مسماها؟ فأقول: إن المتابع المنصف يعلم علم اليقين أنني وغيري كتبنا مراراً وتكراراً عن كل شيء تحتاجه المحافظة، وقد تحقق منها الكثير، فلا إشكال أن أكتب اليوم عن المسمى الذي ربما يكون العتبة للتحول والانطلاق.نأمل أن يُعاد النظر في مسمى المحافظة، انطلاقًا من كون المسمى الحالي لا يُعبر عنها، ولم يكن متداولًا فيها، بل وليس فيه شيء من معاني الأُلفة خلاف مسمى (العُرْضِيَّة)، الذي من المستحسن أن تُسمى به المحافظة؛ كونه الأصل والأقدم والأعرق والأدلَّ، ويحمل معاني الاُلفة والوحدة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store