Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. أيمن بدر كريّم

مزايدات رخيصة!

A A
- المُزايدةُ على غيرك، واستغلالُ مواقفَ ضعفِهِ لتمثيلِ دورِ النَّاصحِ له دونَ طلبٍ منهُ، والتبرُّع بتحليلِ ونقدِ مشكلتِهِ.. كُلُّها قد تُعطيكَ شعورًا كاذبًا بالزُّهوِّ والغَلبةِ والظهورِ، وشيءٍ من التقديرِ والمَكانةِ، دونَ حاجةٍ عمليَّةٍ منكَ لإثباتِ أيِّ تفوُّقٍ.. حتَّى لو كنتَ تافهًا، أو وَغْدًا، أو سَافلاً ليس لكَ اعتبارٌ.

- المُزايدةُ على دينِ وأخلاقِ ووطنيَّةِ غيرك، تُعطيكَ ترفُّعًا سهلًا، وتُكسبُكَ أفضليَّةً ظاهريَّةً، فبمجرَّد أنْ تهذرَ بكلماتٍ ذات صبغةٍ دينيَّةٍ وأخلاقيَّةٍ ووطنيَّةٍ، وتستشهدَ ببعضِ الآياتِ والأحاديثِ، وتُسقطها في غيرِ موضِعِهَا لتخدمَ أغراضكَ المُشوَّهةَ، تمَّت مُهمَّتك بسهولةٍ ونجاحٍ مزيَّفٍ، دونَ حتَّى تناول الموضوعِ قيدَ النِّقاشِ.

- العُنصريَّةُ داءٌ مُتجذِّرٌ.. فهي مدفونةٌ في أعماقِ النَّفسِ تتغذَّى على الأنا والأنانيَّةِ.. وبعضُ النَّاسِ أكبرُ قدرةً من غيرهم على إخفائِهَا.. لكنَّها لا بُدَّ وأنْ تظهرَ أحيانًا بتصريحٍ أو تلميحٍ، أو في ملامِح الوجهِ ونبرةِ الصوتِ، أو بتهكُّمٍ أو مُزايدةٍ، وعند الحاجةِ ضدَّ الآخرِينَ، يفضحُهَا الغضبُ والغِيْرةُ وقلَّةُ المُروءةِ.

- المُزايدةُ أمرٌ أصيلٌ لدى جُمهورِ النَّاسِ، إلَّا مَنْ رَحِمَ اللهُ، وهي من مركَّباتِ النَّقصِ التي زرعَها فيهم مُجتمعٌ مهووسٌ بتكريسِ التديُّنِ الجماعيِّ، الاجتماعيِّ والشَّكليِّ، حيثُ يُضَّطر كثيرٌ من النَّاسِ إلى إثباتِ سُموِّهم الأخلاقيِّ بصورةٍ تلقائيَّةٍ لا واعيةٍ، وكأنَّهم في تنافسٍ محمومٍ ضدَّ غيرهم.. إنَّه نوعٌ فاخرٌ من التَّناقضِ، أو لعلِّي أقول: النِّفاق الخفي.

- إنَّ الإنسانَ يستغلُّ جميعَ ما يملكُ من مَواهبَ وأدواتٍ وإمكانيَّاتٍ، ووسائلَ أخلاقيَّةٍ وغير أخلاقيَّةٍ، مِن أجل البقاءِ والغَلبةِ والاستحواذِ والسَّيطرةِ والظُّهورِ، بعيدًا عن أيِّ قِيَمٍ أو مبادئَ رفيعةٍ يتذرَّعُ بها. يقولُ الدكتور «علي الوردي»: (إنَّ الإنسانَ حيوانٌ وابنُ حيوانٍ، وذُو نَسبٍ في الحيواناتِ عريقٌ.. فهُو يودُّ من صميمِ قلبهِ أنْ يكونَ غالبًا، ويكرهُ أنْ يكونَ مَغلوبًا على أيِّ حالٍ).

- من أهمِّ غايات التديُّن والتَّعاليمِ الأخلاقيَّة: إصلاحُ نفسِكَ وليس الآخرِينَ، وضبطُ أخلاقِكَ وليسَ أخلاقَ البشرِ، والحِسْبةُ على قلبِكَ لا قلوبِ غيرِكَ، وتنقيةُ سريرتِكَ وليس التَّسلُّطَ على سرائرِ النَّاسِ، والانشغالُ بأعمالِ إدخالِكَ الجنَّةَ، وليسَ إدخال غيركَ الجنَّةَ أو النَّارَ.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store