Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. أيمن بدر كريّم

أجمل العَلاقات الإنسانية

A A
- يظهر أنَّ الإنسان يعيشُ مُستقرًّا سعيدًا في مجموعات صغيرة، وأنَّ الأذكياء يفضِّلون العيش في عُزلة اجتماعيَّة مع صداقاتٍ نوعيَّة محدودة. فالصَّداقات ذات العَلاقات المتينة المُستقرَّة، تتطلَّب التأسيس على مبادئ أخلاقيَّةٍ أصيلة، لذلك فإنَّ غير الأسوياءِ من الناس، لا يرتبطون بصداقاتٍ راقية، لا تقوم على النَّفعية والمصلحة الظرفيَّة.

- الصَّداقاتُ الجميلة الدَّاعمة، تتميَّز بالتوافق الفكري، والاهتماماتِ المُشتركة، والتَّجانس الرُّوحي، والشعور بالغُربة التي يهوِّنها كلُّ صديقٍ على الآخَر. والصداقة في رأي «أرسطو» أحد أعظم متطلَّبات الحياة التي لا غنى عنها، وهي لدى فيلسوف اللَّذة «أبيقور» من أهمِّ مفاتيح السعادة.

- لا يُمكن للشخص الوفيِّ الأمين، تحمُّل عقد صداقاتٍ متينةٍ مثاليَّةٍ ذاتِ ثقةٍ مُتبادَلة مع أشخاص كُثر، إذ لا يتعدَّى أصدقاؤه الحقيقيُّون -في الغالب- عدد أصابع اليد الواحدة، فالصَّداقاتُ الحميمة القويَّة تتطلَّب جهدًا استثنائيًّا للحفاظ عليها والقيام بواجباتها، لكنَّها حتمًا تستحق، فهي أجمل العَلاقات الإنسانيَّة. يقول الحكيم «شوبنهاور»: (والقاعدة، أنَّ كلَّ حديثٍ -ما لم يكن مع صديقٍ أو بين عشيقين- يترك تأثيرًا سيِّئًا في النَّفس، ويُسبِّب شيئًا من الانزعاج المُعكِّر للصَّفاء النَّفسي).

- كُلُّهم يُشاركونك أفراحك.. نادرون مَن يُشاركونك آلامك.. الحُزنُ لا صديق له!؛ لذا كانت الصداقةُ الحقيقيَّة صداقةَ المَشاعر والمُشاركة، وتتعلَّق بأشخاص هم أوَّل مَن يطرأون على خيالك وتتذكَّرهم مُباشرة؛ حين تضطرُّك الظروف إلى الحاجة للاتِّكاءِ على شخص أو اللجوءِ إليه -بعد الله- للنصيحةِ والمَشورة والمُواساةِ والدَّعم. يقول الدكتور «مُصطفى محمود»: (والصَّداقة الحَميمة علاجٌ أحسنُ من الطِّب.. الصَّديق طبيبٌ عظيم لا يُقدَّر بثمَن).

- وبصورة عامَّة، يلجأُ العُقلاء والأذكياء والحُكماء للعزلةِ الاجتماعيَّةِ الاختياريَّة، بوصفها الصديق الأجمل الجدير بالثِّقة دومًا. ويُشير الفيلسوف الفرنسي «ميشيل دي مونتين» إلى هذا المعنى في قوله: (لم تكن الصَّداقة لتكونَ قيِّمةً إلى هذا الحد، لو لمْ يكُن مُعظم النَّاس مخيِّبين للآمال على نحوٍ كبير).

- (أمَّا أنا.. فإنَّني أدمنتُ العُزلة.. ربيتُها وعقدتُ صداقةً حميمةً معها.. وأشعُر أنَّني إذا فقدتُ العُزلةَ فقدتُ نَفسي.. أنا حريصٌ على البقاءِ في هذه العُزلة، وهذا لا يَعني أنَّه انقطاعٌ عن الحياةِ والواقعِ والنَّاس).. هكذا قال: «محمود درويش».

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store