Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد بشير كردي

أفلام الخيال وواقع المحال!

A A
ازدهرت صناعة السينما في الولايات المتحدة الأمريكيَّة، وأبدعت أستديوهاتها في هوليوود في تقديم الكثير من الأفلام الثقافيَّة والاستعراضات الموسيقيَّة والغنائيَّة، وفي إخراج برامج تخطَّت كوكب الأرض إلى ما وراء الفضاء، فتعلَّق بها الناشئة والبالغون، وكانت حافزًا لهم على شحذ الهمم للتفكُر والاختراع. وأنتجت أيضًا أفلامًا أُخرى أعادت المشاهدين إلى عهود خلت وحضارات أُبيدت، وزالت بزوالها أقوام كانوا على قدر كبير من العلم والمعرفة، وفي مجالات الفروسيَّة ورثوها عن جدودهم الذين قدموا إلى (العالم الجديد) من الشمال الأفريقي ومعهم عقيدة التوحيد وعلوم عصرهم وثقافة العيش المشترك.. فجوبهوا بغزاةٍ من لصوص وقطَّاع طرق نفتهم بلدانهم الأرووبيَّة إلى ما وراء البحار للتخلُّص من شرورهم وإجرامهم ليستقرُّوا في جزر العالم الجديد، وتعايشوا مع مَن سبقهم من مهاجرين آسيويين وأفارقة تمَّ أسرهم وأُرسلوا من بلدانهم في عنابر شحن وتشغيل، وألقوا عند الوصول خدمًا ومزارعين في مساكن الأوروبيِّين ذوي البشرة البيضاء ومزارعهم ليعملوا مقابل لقمة عيش لا تسمنُ ولا تغني عن جوع.

من هذا الخليط البشري تكون المجتمع الأمريكي من سادة بيض البشرة وملونين وعبيد يتعرضون للاستعباد، ويباعون ويشترون في أسواق النخاسة.. بقي حال التفرقة العنصرية سائداً حتى قيام السود بعصيانهم في سنوات القرن العشرين.. فأنتجت أستوديوهات هوليوود أفلاماً فيها الكثير من الخيال، وما قد يأتي به المستقبل من اكتشافات واختراعات وسعت آفاق مدارك المشاهدين ومعلوماتهم.

كانت (أفلام الكاوبوي) الأكثر رواجًا في مطلع القرن الماضي لما فيها من إثارة وتعريف بأمم بنت حضارة في الأمريكيَّتين قضى عليها الغزاة الأُوروبيِّون وهم في تجوالهم التبشيري حول كوكب الأرض لنشر ديانتهم بالترغيب أحياناً والترهيب مرارًا. واتَّجهوا في بَدءِ اجتياحهم غربًا، فالعودة من جهة الشرق. ولكرويَّة كوكب الأرض، أتوا إلى جزر اعتقدوا أنِّها من جزر الهند.. ولحمرة لون بشرتهم، أطلقوا عليهم (الهنود الحمر). ولخصوبة أراضي تلك الجزر، ووفرة ثرواتها الطبيعيَّة والحيوانيَّة، قرَّروا احتلالها بالقضاء على مالكيها الأصليِّين، فشنُّوا عليهم حرب إبادة وتصفية عرقيَّة سهَّلت لهم وضع اليد على الجزر وتسخير من بقي منهم على قيد الحياة لفلاحة الأرض وجني محاصيلها.. وللقلَّة من السكَّان الذين رفضوا وضعوا في أقفاص حدائق الحيوانات للترفيه عن زوَّارها، غير عابئين بما قد يتركه الاستهتار بكرامة الإنسان من اشمئزاز وكراهية لمالك تلك الحدائق والمشرفين عليها.

يبدو أن عنصريَّة حكَّام الولايات المتحدة الأمريكية ما تزال كما كانت عليه تدعم بالمال والعتاد والتخطيط والتنفيذ الكيان الصهيوني في حربه على أحرار فلسطين.

ترى هل لدى منتجي السينما في هوليوود القدرة والشجاعة على إنتاج أفلام تصوِّر ما يعانيه الفلسطينيون من ظلم وإهانة الصهاينة لهم واحتلال ديارهم، ونسف بيوت المقاومين فوق رؤوس ساكنيها، وطمسهم الهويَّة الفلسطينيَّة وزجِّ مئات الألوف من نساء وأطفالٍ وشيبًا وشبّانهم وشيبان إناثاً وذكورًا في سجون يسامون فيها أشد أنواع القهر والعذاب!

المقاومون الفلسطيَّنيون باقون على العهد، ويضرب بكفاحهم الأمثال.. ولا يخشون في نضالهم الإنساني العادل، إلَّا خالقهم الذي وعد بنصرِ من ينصرهُ.. وعلى العهد والثبات باقون بإذن الله.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store