عرض قبل فترة على إحدى المنصات الفنية، المسلسل السعودي "جايبة العيد"، وهو كوميديا اجتماعية تدور أحداثه حول محاولة "رزان"، وهي امرأة سعودية مطلقة تعيش في لندن مع ابنتها المراهقة، إقناع أهلها بقبول زواجها من صديقها "سمير" وهو بريطاني الجنسية (باكستاني الأصل)، المسلسل بطولة مجموعة مميزة من الممثلين السعوديين، وتأليف نورا أبوشوشة، وإخراج سعيد زاغا بجانب علي العطاس.
ورغم أن المسلسل حصد الكثير من الإعجاب الفني المستحق، وسجل نسبة مشاهدة عالية بفضل جودة السيناريو المكتوب باحترافية وإتقان، مما ساهم في سرد الأحداث ببساطة وتنوّع ودون تكلّف، مع الرؤية الإخراجية الرائعة والتي ُتعتبر سينمائية أكثر منها تلفزيونية، والتي ُتشعرك بأنك تشاهد عملاً أجنبياً مدبلجاً، بالإضافة إلى الأداء العالي لطاقم المسلسل بالذات سمر ششة في دور "رزان"، وخالد الحربي في دور الأب، وبتيل نبيل في دور بنت "رزان"، إلا أن هذا النجاح الجماهيري قابله جدل نقدي واسع ومثير في وسائل التواصل الاجتماعي، وانقسام في الآراء بين من يرون أن المسلسل يسيء إلى صورة المرأة والعائلة السعودية، وبين من اعتبره عملاً جريئاً في طرحه.
شخصياً اعترف أن المسلسل أوقعني في حَيْرَة، فرغم أنه متقن فنياً مقارنة ببقية الأعمال المحلية، إلا أنه مريب في محتواه وإصراره على إظهار المجتمع السعودي بأنه فوقي ومتباعد اجتماعي، فالبطلة امرأة عنيدة ومتمرّدة، ولا تقبل الحوار فيما تعتبره منطقاً، وزوجها السابق وأبو بنتها شخص رجعِيّ وعصبي ومعنّف للنساء.
وزوجة أخيها السابقة استغلالية، وتحاول إبعاد ابنهما عنه بعد الطلاق، وأم البطلة محافظة، وتحاول إبقاء عائلتها متماسكة، وفي الوقت نفسه تحب "تدخين الشيشة" تخيّل!!!.. والأب طيّب وحنون مع أبنائه، ومتفهّم لدوافع إصرار بنته على الزواج بأجنبي، لكنه في الوقت ذاته ساذج لدرجة أنه كان يشك أن عريس بنته جاسوس دولي، حتى سواق السيارة السعودي الذي أوصل العريس من المطار إلى بيت أهل العروس كان شخص سلبياً وحشرياً لأبعد درجة وعنصري، والوحيد في المسلسل الذي كان عاقلاً ومتزن ومتنوّر ومنطقيًا هو العريس الأجنبي "سمير"!!؟؟.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
