Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. أيمن بدر كريّم

صباحُ الخيرِ

A A
- صباحُ الخيرِ للذين استيقظُوا وهم مُتسامحُون مع أنفسهم، مُحبُّون لعزلتهم، مُتعايشُون مع آلامهم، مُتصالحُون مع قُصورهم، مُنشغلُون بهواياتهم.. يُؤذُونَهم النَّاسُ ولا يؤذُونَ، ويبخلُون عليهم ويُكرِمُون.. إنَّهم الهاربُونَ من جحيم الحياة، المُغتربُون وسْط أُناسهم، لله درَّهم.

- صباحُ الخيرِ للكادحين، المُستيقظين مُبكِّرًا للسَّعي خلف لقمة عيشهم. الذين يتحمَّلُون ويتألَّمُون ويُعانُون ويرحمُون ويبتسمُون، سيجبرُكم الله، ويرحمكم، ويخفّف عنكم، ويُحسن إليكم.. إِنَّهُ بِعِبَادِهِ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ.. أمَّا العُمدة، فهي على ما في القلب.. فكيف حالُ قلوبكم؟.

- أعمالُ القلوبِ.. تخفى حتَّى على الحفَظة من الملائكة.. ولا يعلمها إلَّا اللهُ وحده سبحانه.. فكان الإكثارُ منها في كلِّ حين، وعلى أيِّ حالٍ، من شِيَم الحُكماء والمتفكِّرين، وأهلِ البصائر والعزم.. يقولُ تعالى: (إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيْمٍ). ويا صديقي، إذا اضطرب قلبُك فامسح عليهِ بيديْك وقُل له: إنَّما هي أيَّامُ الله، وإنَّما نحنُ ضيوفٌ.. ويوشِكُ الضَّيفُ على الارتحالِ.

- في الليل تُحاصرُنا الأحزان، وتتكالبُ علينا الهُموم والأفكار، فذكرياتُنا المَنسيَّة، وتجاربُنا القديمة، وآلامُنا المكتومة، وعُقَدنا النفسيَّة، تترصَّدنا عند نومِنا، وغياب وعيِنَا وانفلاتِ بواطنه من عِقالها، لكنَّنا نصحو وقد منَّ اللهُ علينا بنسيانِها وتجاوزِها.. فالشُّكر لله على نِعَمه وكريمِ فضلهِ.. والحمدُ للهِ الذي رحِمَ عباده بالنَّوم، وهو حيٌّ قيُّومٌ، لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَومٌ.

- يتعافى المرءُ حين ينامُ ساعاتٍ طويلةً عميقةً كافيةً، ويصحو من تلقاء نفسه دون منبِّهٍ، ثمَّ يبقى بعد استيقاظه مِن دون رؤيةِ أحد أو الحديثِ معه، ومن غيرِ أن يسمعَ ثرثرةً أو صخبًا على مدى ساعتين على الأقلِّ، قبل أنْ يهتمَّ بشؤونِه ويقوم بواجباتِه في سكينةٍ وسلامٍ.

- صباحُ المُواساةِ وجبْرِ الخواطرِ، لكلِّ الذين أيقظتهم أحلامُ الحنين وآلامُ الفقد، وأشواقُ الذكريات، ومشاعرُ الحِيْرة من نومهم فجأةً، بدموعٍ محبوسةٍ، وقلوبٍ مكلومةٍ، وخواطرَ مكسورةٍ.. أعانكم الله وكتبَ أجركم وخفَّف عنكم. لا بأس، ستتعافون من أوجاعكم قريبًا، أو لعلَّكم ستُصابون في النهاية بالجنون!.

- بداياتُ الصَّباح.. تُدغدغ مشاعرَنا، وتُثير انفعالاتِنا الحسنة، وتبعثُ آمالَنا من جديد، وتُضفي على قلوبنا مسحةً من الرِّضا والسُّرور؛ لأنَّنا نجونا من يومٍ جديد، وشهِدنا ميلاد شمسٍ أُخْرَى.. وكأنَّ شيئًا ما سوف يتغيَّر.. إنَّها -على الرَّحبِ والسِّعةِ - مهزلةُ الأملِ!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store