Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. علي آل شرمة

نجاحات كبيرة.. لريادة الأعمال بالسعودية

A A
لفت نظري خلال الأيام الماضية، خبرٌ نشرته وسائلُ الإعلام المحليَّة، عن نجاح الشَّركات الصغيرة والمتوسطة خلال العام الحالي في جذب استثمارات وتمويل بقيمة 790 مليون دولار، عبر 90 صفقة،ً وذلك بفضل الدَّعم الحكوميِّ، وعدَّة برامج ساهمت في تعزيز بيئة ريادة الأعمال في المملكة.

ويعكس هذا الخبر، الدَّور الكبير الذي تبذله الدَّولةُ لدعم ريادة الأعمال، وتشجيع الشَّباب على بدءِ مشروعاتهم الخاصَّة، لما يمكن أنْ يُحقِّقه ازدهار هذا القطاع من فوائدَ متعدِّدة للنَّاتج المحليِّ الإجماليِّ، عطفًا على الإمكانات والفرص الاستثماريَّة الضَّخمة التي تُميِّز اقتصادنا الوطني، مثل اتِّساع السوق، وإمكانية التَّصدير للخارج، وارتفاع القدرة الشرائيَّة، إضافةً إلى أنَّه يُعدُّ الوسيلة الأكثر أهميَّة، التي يمكن عبرها القضاء على مشكلة البطالة، وإيجاد المزيد من فرص العمل الواعدة.

ونتيجةً للسياسات التي تبذلها الدَّولةُ في هذا الصَّدد، والخطوات الكبيرة التي قطعتها خلال الفترة السَّابقة، والتي كان أبرزها قرار مجلس الوزراء بإنشاء بنك المؤسَّسات الصغيرة والمتوسطة، والذي هدف إلى تقديم جميع أوجه الدَّعم للشباب السعوديِّ، وإزالة كافَّة العقبات التي كانت تُواجهه، فقد ارتفع عدد هذه المؤسَّسات بنسبة 145%؛ ليصل إلى 1.26 مليون منشأة.

هذه النتائج المبهرة تأتي في صُلب توجُّهات رؤية المملكة 2030، التي نادت بتمكين الشَّباب ومساعدتهم على النموِّ، وتقليل نسبة البطالة في أوساطهم، وتشجيعهم على التحوُّل إلى فئاتٍ منتجةٍ، بدلًا من الانضمام إلى طوابير انتظار الوظيفة، إضافةً إلى الدَّور الكبير الذي تلعبه هذه المؤسَّسات في دعم الاقتصاد غير النفطي، وزيادة نسبته في النَّاتج المحليِّ الإجماليِّ، وتحقيق التَّوازن الاقتصاديِّ، بعيدًا عن النفط والمؤسَّسات الكبيرة فقط.

وتستمدُّ هذه المؤسَّسات أهميَّة متعاظمة في الاقتصاد الحديث، حيث تتبنَّاها العديدُ من الدُّول التي قطعت خطوات كبيرة في مجال التطوُّر والنَّماء. ففي اليابان على سبيل المثال، يُحقِّق هذا القطاع ما يُقارب 70% من معدَّل النَّاتج الإجمالي للدولة، وكذلك الحال في الصين وماليزيا، وكوريا وسنغافورة وإندونيسيا وغيرها من الدُّول. ففي تلك الدول كان قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة عاملًا رئيسًا في تحقيق النَّهضة الاقتصاديَّة، حيث تقوم تلك المؤسَّسات بدورٍ رائدٍ في دعم الاقتصاد الكليِّ، عن طريق توفير احتياجات المجتمع، بدلًا من استيرادها، وهو ما يحدُّ من خروج الأموال إلى الخارج.

وقد فطنت رؤية 2030 لأهميَّة هذه المؤسَّسات، وما يمكن أن تقوم به من دور كبير؛ لتعزيز الاقتصاد الوطنيِّ، لذلك ركَّزت على إزالة العقبات التي كانت تعترض طريق الشَّباب الذين يرغبون في بدء مشروعاتهم الخاصَّة، وقامت بتأسيس بنك متخصِّص يتولَّى توفير التمويل اللازم لهم، وتقديم الدَّعم اللوجستيِّ لهم عبر منح منتجاتهم خيارات تفضيليَّة، وبرامج الإعفاء الضريبيِّ، إضافةً إلى قيام الغُرف التجاريَّة بدورٍ كبير يتمثَّل في توفير دراسات الجدوى الاقتصاديَّة، والاستشارات الإداريَّة والماليَّة، وبرامج التَّدريب العملي.

ومما أكسب الجهود السعودية أهمية متعاظمة، هو أنها استصحبت الواقع عند وضعها للحلول المناسبة لكافة المعوقات، ولامست الحقائق، وتحلت كافة برامج الرؤية بالواقعية، لكل ذلك لم يكن مستغرباً أنْ تتحقق هذه النجاحات المتلاحقة، بل إنَّ التفوق يعتبر نتيجة طبيعية بعد أن اكتملت أركانه، وتوفرت شروطه.

الآن، وبعد وضع الحلول المناسبة لمشكلة التَّمويل، وبدء ازدهار القطاع، فإنَّ هناك حاجةً فعليَّةً لتقديم العون لروَّاد الأعمال في جوانب أُخْرَى، مثل تنظيم برامج التَّدريب لرفع قدرات الشَّباب، وتعريفهم بأساليب الإدارة الحديثة، والاستفادة من تقنية المعلومات والاتِّصالات، وتوفير البرامج الرقميَّة الخاصَّة بالأنظمة المحاسبيَّة والرقابيَّة، وإدارة المخازن والمبيعات، وتقديم الاستشارات الماليَّة والإداريَّة.

ومع توجُّه الدَّولة نحو دعم القطاع الخاص، وتوفير كافَّة الفرص المواتية لازدهاره وتطوُّره، فإنَّ هناك آفاقًا واسعةً سوف تُفتح لقطاع ريادة الأعمال، فالاهتمام الكبير الذي توليه الدَّولة للقطاع الخاص بكافَّة فئاته ومستوياته، والتوجُّه الكامل نحو الخصخصة، سوف يجعل هذا القطاع هو رائد التَّنمية، وقائد الاقتصاد الوطنيِّ.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store