Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. عبدالله صادق دحلان

من صناعة البتروكيماويَّات.. إلى صناعة قادة المستقبل

A A
في مرحلةٍ من تاريخ الإدارة في المملكة، كان حَمَلَة درجة الدكتوراة مسيطرين على غالبيَّة الوظَّائف القياديَّة، وكانت الدَّرجة العلميَّة (الدكتوراة) هي متطلَّب للوظَّائف القياديَّة، حتَّى أُصيب الأشخاص غير الحاصلين على درجة الدكتوراة بالإحباط في فرص حصولهم على الوظَّائف القياديَّة، وكان يعتقد البعض أنَّ قيادات القطاع الخاص غير مؤهَّلين لإدارة بعض القطاعات العامَّة، والحقيقة ينبغي أنْ نعترف أنَّه على أرض الواقع، ومن واقع التَّجارب التي نعيشها في السنوات السبع الأخيرة، أثبتت التَّجربة أنَّ الاختيارَ المبنيَّ على أُسسٍ صحيحة لبعض قيادات الشَّركات السعوديَّة؛ لتولِّي مناصب قياديَّة على مستوى وزراء ونوابهم ووكلائهم، تجربة ناجحة ومبدعة، والأمثلة عديدة في العديد من الوزارات، وعلى سبيل المثال، وهو المثال الأوضح، هو اختيار معالي الأستاذ يوسف البنيان وزيرًا للتَّعليم، بعد أنْ كان رئيسًا لثاني أكبر شركة صناعيَّة في المملكة المتخصِّصة في صناعة البتروكيماويَّات، ورغم الفرق الشَّاسع بين قيادة شركة صناعيَّة للبتروكيماويَّات وقيادة وزارة متخصِّصة في صناعة قادة المستقبل، لكنَّ العامل المشترك بين الوظيفتين هو (القيادة) أوَّلًا، والصِّناعة ثانيًا، فالقيادة فنٌّ وعلمٌ وملكةٌ إلهيَّةٌ، والصِّناعة تحويليَّة، تُحوِّل المادَّة الخام إلى منتجاتٍ ذات قيمة لمدخلاتها الصناعيَّة الأُخْرَى، وهكذا صناعة القادة في التَّعليم من طلبةٍ خام، لا يُجيدُون القراءة والكتابة، إلى صناعة القادة والعلماء والأطباء والمهندسين وغيرهم.

والحقيقة، كمتابعٍ للتَّطور الإداريِّ لوزارة التَّعليم في عهد الوزير يوسف البنيان، أُسجِّل -وبكلِّ فخرٍ- بأنَّ القضيَّة ليست قضيَّة أنظمة وقوانين ولوائح معقَّدة، وإنَّما هي قيادةٌ إداريَّةٌ تُعيد تحويل المعوِّقات إلى إيجابيَّات، تحقِّق الهدف بأسرع الأوقات، فتجربة إزالة المعوِّقات من أمام الجامعات الأهليَّة ستدفع إلى مزيد من التطوُّر والنموِّ للجامعات الأهليَّة، ولمزيد من الاستثمارات المحليَّة والأجنبيَّة لدخول الأسواق السعوديَّة.

لقد كان للوزير يوسف البنيان دورٌ بارزٌ في إعادة تطوير نظام الجامعات الأهلية، والذي أعطى لها مرونةً كاملةً في إدارة شؤونها، ومنح النظام مجالس أمناء الجامعات كامل الصلاحيات في اتخاذ معظم القرارات التي تخصُّ الجامعات الأهلية؛ دون الحاجة إلى اعتماد قراراتهم من وزارة التعليم، وأوكل مهمة الجامعات الأهلية إلى مجلس شؤون الجامعات، وأزال الفوارق بين الجامعات الحكومية والجامعات الأهلية، وإنشاء مجلس استشاري برئاسته، وعضوية بعض ممثلي الجامعات الأهلية؛ للتَّشاور في شؤون الجامعات الأهلية واحتياجاتها، وإزالة المعوِّقات التي تواجهها.

وأرجو ألَّا يُفهَم من مقالتي بأنَّني أستبعدُ حَمَلَة الدكتوراة من الفرص القياديَّة، ولكنْ أُجزمُ بأنَّ مكان درجة الدكتوراة هو في الجامعات والمؤسَّسات التعليميَّة والبحثيَّة أو الصحيَّة، في صناعة قادَّة المستقبل، ويحظُون بكامل التَّقدير والاحترام من قبل المجتمع بأكمله.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store