Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. أيمن بدر كريّم

في معظم الأحيان

A A
- استعمالي لكلمتَي «مُعظم» و»كثير»، لا يعدُو مجرَّد انطباعٍ شخصيٍّ ورأيٍ خاصٍّ؛ نتيجةَ اطِّلاعي وتجاربِي وخبراتِي الشَّخصيَّة، وليس بأيِّ حالٍ نتاج تقييمٍ دقيقٍ. هذه المُقدِّمة قد تبدُو بدَهيَّةً، لكنَّها موجَّهةٌ خصِّيصًا لأصحاب «لا تُعمِّم»، و»ليس شرطًا»، و»كلامٌ مُرسَلٌ»!.

- مُعظم نصائحِ الثَّراء والاستثمار التي يتبرَّع بها أحدُ الأثرياء والمُترَفين للعامَّة، نصائح استعلائيَّةٍ غيرِ عمَليَّة، موجَّهة للمحرومين والمُعدَمين وأصحاب المُشكلات الاقتصاديَّةِ والاجتماعيَّة الجسيمة، فتزيدُ من كسر خواطرِهم وإحباطاتِهم.. لذلك من الأفضل أنْ يحتفظَ بها لنفسه، أو يتبادَلها مع أصدقائه المُترَفين!.

- من أسوأ أخطاءِ كثيرٍ من «علماء الدِّين»، اهتمامُهم المُفرط بالجانِب العقَدي والفقهي للدِّين.. وإغفالهم كثيرًا من الغايات الكُبْرى للأديان، كالعدل والإحسان والصِّدق، ممَّا أنشأ أفرادًا يهتمُّون بقشور الدِّين، دون نصيب مُعتبَر من الأدب والذوق والمُروءة. يقول الدكتور «علي الوردي»: (إنَّ مُعظمَ علماء الدّين، يهتمُّون بالشَّعائر والطُّقوس، أكثرَ من الاهتمامِ بصفاءِ القلبِ وسلامةِ العملِ والنيَّة).

- يميلُ كثيرٌ من النَّاس للاعتقاد بما يُوفِّر لهم قَدْرًا من الهدوء والطُّمأنينة.. لذلك، فإنَّ مُعظم ما يعتقده النَّاس، أقربُ إلى الخطأ والأوهام. فمُعظم الأفكار والقناعاتِ التي يظنُّون أنَّهم توصَّلوا إليها بتفكيرِهم وتدبُّرهم وتحليلهم، هي نتاجُ العدوى النفسيَّة والإيحاءاتِ الاجتماعيَّة، وتأثير عقائدِهم ومذاهبهم الدِّينية، والأفكارِ المُسبقة التي احتلَّت عقولهم وصبَغت تفكيرهُم رغمًا عنهم.

- المُعضلة، أنَّ الإنسان -في مُعظم الحالات- لا يتعلَّم بالنِّقاشِ أو الجدال، ولا يقتنعُ بالحوار.. بل قد يزيدُه الجِدالُ تزمُّتًا وتعنُّتًا.. فالجدالُ يعني اختلافَ وجهاتِ نظرٍ بين أُناس مُختلفين في كثيرٍ من ظروفهم الثَّقافيَّةِ والتربويَّة، وتجاربهم الشَّخصيَّة، ومستوياتِ وعيهم ومصالِحهم الظَّرفيَّة.. فالقاعدةُ أصلًا غيرُ صالحةٍ لمثلِ هذا العَبث.

- جرَّبت الدُّخولَ لعدَّة «مساحات» في موقع (X)، يُفترض أنَّها تتناولُ الثَّقافةَ والوعي، فسمعتُ ألفاظًا سوقيَّةً، ونبْراتٍ استعلائيَّةً مُزعجةً. لذلك أرى، أنَّ المساحات، ظاهرةٌ ثقافيَّة حديثةٌ مُتكلَّفة غيرُ ناضجةٍ بعد، بل بعضها مُبتذَلٌ، وهي مجرَّد إيهامٌٍ بالوعي والحرَّية الفِكريَّة.

- وختامًا، مُعظم المَشاعر والوَساوس والأفكارِ والنَّزوات التي تعرِض لك، تعرِض أيضًا لكثيرين غيرك.. إلَّا أنَّ اختلافَ القُدرات التعبيريَّةِ والنفسيَّةِ له أثرٌ بالغٌ في إظهارها أو كِتمانها.. عمومًا، لا تقلقْ.. أنتَ لستَ الوحيدَ الذي تشعرُ أحيانًا بأنَّك قد أُصبتَ بالجُنونِ!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store