Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محسن علي السهيمي

لو كان نبيٌّ بعد محمد!!

A A
ربما يقول قائل: حينما يؤمن المسلمون بالأنبياء والرسل السابقِين لمحمد -صلى الله عليه وسلم- ورسالاتهم، فإنما يؤمنون بمَن مضى منهم، ولو كان هناك أنبياء ورسل بعد محمد ورسالته ربما ما كانوا ليؤمنوا بهم، ولمارسوا معهم الإنكار وعدم الإيمان بهم تمامًا، كالذي مارسه اليهود والنصارى من إنكار لمحمد ورسالته، لكنهم لم يتعرضوا -أي المسلمون- لما تعرض له اليهود والنصارى من اختبار.

هذا أمر ربما يتردد في صدور البعض، وربما يأخذ أحيانًا صفة المجاهرة، غير أن الفاصل في المسألة هو كلام الله المنزَّل في التوراة والإنجيل والقرآن؛ ففي جانب المسلمين، أخبر الله تعالى في القرآن الكريم بأن محمدًا هو النبي الخاتم ولا نبيّ بعده، حيث قال تعالى: «مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ»، بالتالي كفى الله المسلمين هذا الاختبار، فلا ذَنْب لهم إن لم يُختبَرُوا.

في جانب اليهود والنصارى، أخبر الله تعالى في القرآن الكريم بأنهم يجدون صفات النبي الأمي محمد مكتوبةً ومبيَّنةً عندهم في التوراة والإنجيل، فقال تعالى: «الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ»، بل إن سيدنا عيسى عليه السلام بشَّر قومه (بني إسرائيل) برسول يأتي من بعده اسمه أحمد، الذي هو محمد، فقال تعالى: «وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ»، بالتالي كان يتوجَّب عليهم الإيمان به؛ امتثالًا لقضاء الله، ولما أخبرهم به نبيُّهم عيسى - عليه السلام-. على هذا، فلا وجه للمقارنة بين الحالتَين؛ فالمسلمون لم يُخْبَرُوا ولم يُختبروا بمجيء نبي بعد محمد - صلى الله عليه وسلم - حتى يؤمروا بالإيمان به وبرسالته، وبالتالي لا نستطيع الحُكم عليهم من حيث الامتثال للأمر الإلهي من عدمه، أما اليهود والنصارى فقد أُخْبِرُوا واخْتُبِروا حينما أبانت التوراة والإنجيل وعيسى - عليه السلام- أن هناك نبيًّا سيأتي وهو محمد، وبالتالي كان ينبغي عليهم أن يمتثلوا لما جاء عن ربهم، فيؤمنوا بمحمد ورسالته، ولكن أكثرهم لم ينجحوا في هذا الاختبار الإلهي.

وعليه فنحن أمام حالتين: حالة لم يختبَر أفرادها، فلا نستطيع الحكم على نياتهم، وهذه الحالة يمثلها المسلمون أتباع الرسالة المحمدية الخاتمة، وحالة اُختبر أفرادها فلم ينجح أكثرهم، ويمثلها اليهود أتباع موسى -عليه السلام- والنصارى أتباع عيسى -عليه السلام-.

هذا بالنسبة للمستقبل في قضية الرسل والرسالات، أما بالنسبة للماضي، فالحال ربما تتطابق؛ حيث آمن المسلمون بالرسل والكتب السابقة لهم، ومعهم رسولهم محمد، فقد قال الله عنهم: «آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا..». وربما الحال نفسها مع الديانات السابقة للإسلام؛ حيث يؤمن المسيحيون بموسى الذي يأتي سابقًا لعيسى، ويؤمن اليهود بالأنبياء قبل موسى.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store