Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالله الجميلي

«ممكن عشان فلوس»!

A A
* خلال سنوات دراستِي الجامعيَّة، كنتُ أُلاحقُ الركَّاب ومشاويرهم، بحثًا عن نقودهم على (ددسني وانيت غمارتين) بين أحياء المدينة النبويَّة، ورغم منغِّصات المرور ومطارداته، وأسره أحيانًا لمركبتِي العجوز، كنتُ أجمعُ -على الأقلِّ- مصروفِي الشهريَّ!.

*****

* المهمُّ، في أحد الأيَّام، وذاتَ مشوارٍ كان قُبيل صلاة الجمعة، صادفتُ أحد إخوانِنا الوافدِينَ من الجنسيَّة الباكستانيَّة، -وبالفضول المُعتاد لسائقي التَّاكسي والوانيت أمثالي- فتحتُ معه الحوار: كم سنة لكَ في السعوديَّة؟ وما مهنتُكَ؟ أجابني: عشر سنة، وأنا شغل مقاولات يا صديق، ثمَّ أضاف (غلام خان) بفخرٍ: وأنا ها الحين شغل مع شركة حق أنا، في هذا طريق، وهنا سألته: يا غلام، هذا طريق، كل شهر، أو شهرين فيه شغل، مرة أحفر، ومرة أدفن؛ إيش فيه كلام؟! أنت في معلوم؟! وكان ردُّه: والله أنا ما فيه معلوم، لكن (ممكن عشان فلوس)!.

*****

* وهنا اسمحوا لي أنْ أعتذرَ من (السيِّد سيبويه) عن بعض التجاوزات اللغويَّة في النصِّ أعلاه، والتي فرضها حديثي الصَّريح غير الفصيح مع (خان)، ثمَّ ذلك الحوار مضتْ عليه سنواتٌ، ومع ذلك أرى أنَّ تلك الحالة مازالت مستمرِّةً؛ حيث في بعض المناطق والمحافظات يتمُّ سلخ جلود الطُّرقات وردمها عدَّة مرَّات.

*****

* أما سبب ذلك، فغالباً غياب التخطيط والتنسيق بين الجهات المقدمة للخدمات، كالبلديات والاتصالات والكهرباء والمياه وغيرها، فكل يغرد وحده، ويعمل ما يشاء، متى شاء، وهذا لو حصل في أحياء قديمة لأمكن هضمه مع بعض المقبلات والمشروبات، ولكن هذا أراه يمارس حتى في بعض الأحياء والمدن الجديدة، التي حقها اكتمال البنية التحتية، ووجود نفق للخدمات العامة أسوة بالتجارب العالمية المتطورة.

*****

* هذا (وربما) يكون كثرة وتكرار الحُفر والدَّفن في طرقاتنا (عشان فلوس)؛ وهذا (إنْ كان)؛ فبالتَّأكيد فيه هدرٌ للمالِ العامِّ، وهو ما يجب أنْ يتوقَّف، وتُغلق نوافذُهُ في ظلِّ ما تعيشه بلدنا من رفعٍ لرايات كفاءة الإنفاق الحكوميِّ، ومحاربة الفساد بشتَّى صوره، وذلك بدعم وتوجيهات سديدة من قيادتنا الحكيمة والرَّشيدة -حفظها الله-، وسلامتكم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store