Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. علي آل شرمة

العلا.. تجذب انتباه الإعلام العالمي

A A
كان استقبال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- في المخيم الشتوي في العلا لوفد مجلس الشيوخ الأمريكي خلال الأيام الماضية؛ حدثاً لافتاً، حمل في مضمونه العديد من الدلالات البالغة ذات التأثير العميق، في مقدمتها أن المنطقة التي كانت قبل سنوات قلائل تعاني الإهمال، تحولت إلى وجهة رئيسية يستقبل فيها القادة ضيوفهم، ليطلعوهم على التاريخ العريق لهذه البلاد المباركة.

ولا شك أن أعضاء الوفد الأمريكي، الذين تزامنت زيارتهم لمنطقة العلا مع انطلاق مهرجان شتاء طنطورة، قد حرصوا على الاستمتاع بالمكان، والاطلاع على التاريخ العريق للمنطقة، ومعرفة المزيد عنه، ومع متابعة وسائل الإعلام الغربية عموماً، والأمريكية على وجه الخصوص لهذه الزيارة، وبث صور الاستقبال في وكالات الأنباء والصحف والفضائيات، فإن ذلك يُمثّل أكبر حملة دعائية للمنطقة، ما كان لها أن تتحقق لو صُرفت عليها عشرات الملايين من الدولارات.

ويجيء هذا التطور الكبير نتيجة طبيعية لرؤية المملكة 2030، التي تثبت في كل يوم أنها بمثل ما كانت خيالاً رائعاً وأفكاراً طموحة، قد بدأت تتجسد على أرض الواقع، وتحولت أفكارها إلى مشاريع فعلية وفق ما هو محدّد له من تواريخ زمنية، وهو ما يعيد التذكير بما قاله ولي العهد بأن الشعب السعودي قادر على جعل الأحلام حقائق، وأن المملكة تسير على الطريق الصحيح، وتركز على الاستثمار في التنوع الاقتصادي والمكان والإنسان.

وحتماً، فإن وسائل الإعلام الدولية التي تابعت الزيارة، سوف تُسلِّط الضوء على البنية التحتية المتكاملة، التي تحظى بها منطقة العلا، والإمكانات المتاحة للاستثمار العالمي، وهو ما يمكن أن يسهم في استقطاب المزيد من رؤوس الأموال الأجنبية، التي تبحث عن ملاذات آمنة، وفرص تجارية واعدة، وهو ما يتوفر بحمد الله في كثير من المشاريع بالسعودية.

كذلك، فإن الصور الحية المباشرة التي تم بثها عن اللقاء، والتي أثارت دهشة الكثيرين وإعجابهم، سوف تدفع الشركات العالمية الكبرى للمسارعة بالاستثمار في المنطقة، وهو ما يحدث فعلاً حيث أشارت الأنباء إلى توقيع العديد من العقود خلال الفترة الماضية، لإنشاء فنادق بمواصفات عالمية، لتغطية الطلب المتزايد لزيارة المنطقة، والاستمتاع بالفعاليات الثقافية والسياحية التي يتم تنظيمها هناك.

فالمنطقة تشهد في الوقت الحالي انطلاق مهرجان شتاء طنطورة، الذي يتضمَّن برامج فنية ورياضية بتنوع فريد يرضي كافة الأذواق، إضافةً إلى مجهود ثقافي ضخم، يتمثل في فعالية «العلا بالعربي»، والتي تستمر لشهر كامل، ذلك لأن اللغة العربية هي روح المكان وجوهر الهوية السعودية، حيث تقام العديد من ورش العمل والمعارض وندوات الحوار والعروض المباشرة، وذلك لإتاحة الفرصة كاملة لضيوف المهرجان من العرب وغيرهم، للتعرف على هذه اللغة العريقة، واكتشاف إسهاماتها وتأثيرها الممتدة لعقود سحيقة على الفنون والآداب والعلوم.

ولربط الأجيال الشابة بتاريخ المكان، والحفاظ على عناصر الهوية الرئيسية للمملكة، تقام «ليلة الشعراء» لتشجيع الكوادر المحلية والعربية، وصقل مواهبها، إضافةً إلى تنظيم كأس العلا للصقور، الذي يجمع أكثر من ألفي متسابق من أنحاء المملكة والمنطقة، حيث تشتعل أجواء الحماس لمدة تسعة أيام، مع تنافس كبار الصقارين على براعة طيورهم، وسرعتها، وجمالها، وهي الفعالية التي حازت على إعجاب ضيوف المهرجان من غير العرب، واستأثرت باهتمامهم.

كل هذه الجهود الكبيرة أسهمت في تحويل العلا إلى وجهة رئيسية على خارطة السياحة، ليس على مستوى الوطن العربي فقط، بل على المستوى العالمي أيضاً، وهو ما تؤكده الزيادة الكبيرة في عدد الباحثين على محركات البحث الإلكترونية، من الراغبين في الحصول على معلومات وافية عن المنطقة، وما تحتوي عليه من إرث تاريخي عالي القيمة، وما تضمه من مواقع أثرية لا يوجد لها مثيل في العالم أجمع.

هذا النوع من التفكير المتقدم والنظرة الثاقبة للاهتمام بمفهوم الحضارة العربية، والنهوض بقطاع السياحة الثقافية بتطوير المتاحف والمواقع الأثرية والتراثية، والعمل على تسجيل المواقع والآثار والتراث المادي على قائمة التراث العالمي لليونيسكو، والحفاظ على الصناعات التراثية من الاندثار، والاهتمام بسياحة المهرجانات التي تقام سنوياً، والدعاية والترويج لها، سوف ينعكس بإذن الله بكل خير على الوطن والمواطن.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store