فتح مهرجانُ أندية الهواة المسرحيِّ، الذي تقيمه هيئةُ المسرح والفنون الأدائيَّة في الرِّياض حاليًّا، عالمًا سحريًّا أمام عشَّاق الفنون السعوديِّين الذين ظلُّوا يتوقُونَ لنهضة مسرحيَّة سعوديَّة لسنوات طويلة، حتَّى حقَّقت وزارةُ الثَّقافة لهم تلك الأمنية مؤخَّرًا، عبر هذا المهرجان الكبير، الذي يُقام لأوَّل مرَّة في المملكة، ويحتضنه مسرحُ جامعة الملك سعود، حتَّى يوم 12 من يناير الجاري.
مواهب كبيرة، وأفكار متنوِّعة، وجهد ملحوظ، وإبداعات لا نهائيَّة في كافَّة مجالات المسرح، من كتابة، وإخراج، وتمثيل، وديكور، وموسيقى، وإضاءة، وحركة، واستعراض، وإدارة مسرحيَّة، كانت هي السَّائدة في أغلب الأعمال الثمانية المشاركة والمتنافسة، بعد تصفيات المراحل الأُولى من المهرجان، الذي بدأ أُولى خطواته في الثَّالث من شهر أكتوبر من العام الماضي، من خلال 54 فرقةً مسرحيَّةً مشاركةً من مناطق ومدن مختلفة بالمملكة، لتتأهَّل منها مؤخَّرًا 8 فرق، هي التي تقدِّم عروضها في تلك المرحلة الأخيرة بالرِّياض، وهي التي سيتأهَّل منها أيضًا الفائزون بالجوائز النهائيَّة التي رصدتها هيئةُ المسرح والفنون الأدائيَّة، والتي تبلغ 12 جائزةً، في سائر مجالات العمل.
كشف مهرجان أندية الهواة المسرحي مواهب سعودية مختلفة، كان من الصعب التعرف عليها إلا من خلاله، وهو ما يبشرنا بمستقبل مسرحي سعودي، سوف يضع بصمته الخاصة في مسيرة المسرح العربي بشكل عام، ليتحقق بذلك الهدف الأسمى للمهرجان، وهو اكتشاف وتطوير المواهب السعودية الشابة في مجال المسرح، بما يخلق حراكاً مسرحياً سعودياً، كما يرفع من مستوى الوعي الثقافي بالمسارح والفنون الأدائية لدى فئات المجتمع المختلفة، تحقيقًا لمستهدفات رُؤية المملكة 2030، السَّاعية إلى خلق بيئة ثقافيَّة مثمرة، من شأنها أنْ تدمج ثقافة المسرح والفنون الأدائيَّة في نمط الحياة اليوميَّة للمواطنين والمقيمين، بما يحقِّق التنوُّعَ الثقافيَّ، وجودة الحياة لفئات المجتمع المختلفة.
وعلى الرغم من المنافسة والتَّصفيات، إلَّا أنَّ هذا المهرجان في مجمله يمثِّل فرصةً غير مسبوقةٍ لهواة المسرح وموهوبيه، ممَّن شاركُوا في مراحله المختلفة، حيث استفاد الجميعُ -بلا شكٍّ- من برامجه التدريبيَّة، وورش العمل التي قدَّمها من أجل صقل المواهب وتطويرها، وإقامة النقاشات والجلسات النقديَّة حول العروض المشاركة، وهو ما يمثِّل أكاديميَّة مؤقَّتة لتطوير فنون المسرح السعوديِّ، سوف نجني ثمارها النَّاضجة خلال سنوات قليلة مقبلة -بإذن الله-.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
