Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

هل «داء السكري» يسبب السرطان؟!

A A
أودُّ أنْ أُبيِّنَ -في البداية- أنَّ ليس كلُّ ما يُقال من أسباب للسَّرطان أنَّه حقيقةٌ، بل هو إمَّا إشاعاتٌ لا تستندُ إلى العلم، بل أحيانًا خرافةٌ من الخُرافات، أو أنَّها اجتهادٌ علميٌّ من باب النَّظرية أو الفرضيَّة، ولم يرتقِ إلى درجة الحقيقة العلميَّة ١٠٠٪، إنَّما مبنيٌّ على دراسات واستبيانات إحصائيَّة فقط؛ لأنَّ الإقرار بالشيء أنْ يكون حقيقةً علميَّةً، إنَّما يكون باتِّباع المنهج العلميِّ، فبعد أنْ تكون هناك نظريَّة وفرضيَّة تعقبها تجربةٌ ومشاهدةُ ينبنِي عليها اتِّخاذ القرار بأنَّها حقيقةٌ علميَّةٌ أو لا، وما بين التَّجارب والمشاهدات تحليلاتٌ وتقنياتٌ المطلوب أنْ ثُبتت سلامتها وصحَّة نتائجها، كما أنَّ هناك فرقًا بين نتائج الدِّراسات التجريبيَّة خارج الكائن الحيِّ «in vitro» أو على مستوى زراعة الخلايا «cell culture»، وبين الأُخْرى التي تجرى داخل الكائن الحي «in vivo».

هذه مقدَّمةٌ تمهيديَّةٌ للتَّأكيد على كيفيَّة الإجابة عن السُّؤال: هل السُّكَّري يُسبِّب السَّرطان أم لا؟ وهل ما ذُكر فرضيَّة أم حقيقة؟ والمقصود في السُّكَّري هنا الإصابة بمرض السُّكَّري من النَّوع الثَّاني، وما يثبت من تجارب على الحيوان كمسبِّب للسَّرطان لا يُعلن رسميًّا وفق الأنظمة العالميَّة أنَّه مسرطنٌ على الإنسانِ، إلَّا بعد التأكُّد من خلال دراسات وتجارب، فمثلًا الأكريلاميد كمادَّة ثبت إحداثه للسَّرطان في الحيوان (تمَّت دراسة كذلك في معملنا في مركز الملك فهد للبحوث الطبيَّة)، لكنَّه بالنسبة للإنسان لم يُعلنْ إلى الآن أنَّه مسرطنٌ.

وبالعودة لداء السُّكَّري فإنَّ هناك دراسةً إحصائيَّةً تشيرُ إلى فرضيَّة العلاقة الرَّابطة بين داء السُّكَّري من النَّوع الثَّاني، وبين السَّرطان، مع عدم تحديد ماهيَّة تلك العلاقة، وكذلك مع عدم توضيح تجارب تأكيديَّة على ذلك على الإنسان، ولا توضيح الجانب الوراثيِّ، ولا دور الجهاز المناعيِّ في ذلك!! لذلك فإنَّ رأيي الشخصي أنَّ تأكيد العلاقة والرَّابطة لا يزال محلَّ أبحاث النَّواحي الجزيئيَّة والوراثيَّة والمناعيَّة، وهي الأكثر دقَّةً مع التَّأكيد العلميِّ أنَّ تلك العلاقة والرَّابطة إذا تأكَّد سببها إنَّما تحتاج لسنوات عديدة لمصابي داء السُّكَّري، حتَّى يُصابُوا بالسَّرطان، وتكون هي السَّبب؛ نظرًا لأنَّ السَّرطان إحداثه مرتبطٌ بالتغيُّر الجينيِّ بالدَّرجة الأولى، ثمَّ بعوامل ما فوق الوراثة، والتي أصبحت -اليوم- محلَّ كثير من الأبحاث.

والسُّؤال الذي يقود للاستفسار والاستغراب: هل إذا مرض أيُّ عضوٍّ في الجسم، ولم يقمْ بوظيفته، يكون ذلك إعلانًا بوصمهِ أنْ يكونَ مصابًا بالسَّرطان؟ كما هو الحال في داء السُّكَّري الذي يذهب البعضُ بأنَّ المصابين به، يُصاب فيه بنكرياس أولئك المرضى بالسَّرطان!! لا شك أن مثل هذا القول غير المؤكد بحثياً، أو طبياً، أو علمياً يفتقر إلى الإثبات والدلالة البحثية والعلمية الواضحة، وإن كان هناك دراسات وأبحاث توضح أن العلاقة السببية -إن وجدت- فإنها تعود إلى الخلل الجيني في الهرمونات وخلايا البنكرياس.وهذا ما سوف أوضِّحه في مقالٍ آخرَ -بإذن الله- واللهُ أعلمُ وأحكمُ.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store