Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

هشام بنجابي.. تشكيلي عالمي

A A
عرفتُه منذُ أكثر من عشرين عامًا، عندما كنتُ عميدًا لشؤون الطُّلاب في جامعة الملك عبدالعزيز، وكان حديثُنا حول الفنِّ التشكيليِّ؛ لأنَّه كان رائدًا من روَّاد المملكة في هذا المجال، بل هناك مَن يَعُدُّه الرَّائد السعوديَّ الأوَّل في الفنِّ التشكيليِّ، وتعزَّزت المعرفة به، وتجدَّدت أثناء إقامة معرض للفنون التشكيليَّة تحت عنوان (معرض أدهم للفنون) في جدَّة، وزرتُ معرضَهُ الذي احتوى على لوحاتٍ فنيَّةً تُظْهِر أنَّ الأستاذ هشام بنجابي فنانٌ تشكيليٌّ عالميٌّ.

سأعودُ للحديث عن فنِّه وتخصُّصه، لكنَّ الذي أوقفني في شخصيَّة الأستاذ هشام أدبه وأخلاقه وتعامله وإنسانيَّته وبساطته وتديُّنه، فهناك من النَّاس مَن يملكُون من الصِّفات الفرديَّة ما لا يمكن أنْ تتوفَّر لدى غيرهم، وهشام واحدٌ من أولئك، وَلَا نُزَكِّي على اللهِ أحدًا، حدُّه حدُّ نفسه، لا يُسمع له صوتٌ، ولا يتعدَّى على أحدٍ.

قبل سنوات ذهبت معه للإفطار في الحرم المكي، وصلاة التراويح، فوجدت فيه صمت العقلاء، وسمت الفضلاء، وحس الأدباء، وروح الأتقياء، وصفاء الأصدقاء، لا أدري هل مثل هذه الصفات هي من خصائص وصفات كل المنشغلين في الفن التشكيلي، أم هي صفات تخصه هو؟

لقد قضى الأستاذ هشام عمرَهُ كلَّه في دراسة الفنِّ التشكيليِّ، مع العلم أنَّ تخصُّصه بعيدٌ عن ذلك، فهو حاصلٌ على بكالوريوس أدبٍ إنجليزيٍّ من جامعة الملك عبدالعزيز، أثَّر في الفنِّ التشكيليِّ السعوديِّ بالكثيرِ من أعماله المميَّزة، بل كان خلف دعم المواهب الشَّابة، وتنظيم المعارض الفنيَّة لهم، اهتمَّ -رحمه الله- في فنِّه التشكيليِّ بالموضوعات التي ترتبطُ بالتُّراث السعوديِّ، والبيئة العربيَّة، واستخدم الحصانَ رمزًا في أعماله؛ ليعبِّر عن تلك الموضوعات، وتولَّى إدارة الجمعيَّة السعوديَّة للفنون التشكيليَّة، وممَّا هيَّأه لهذا المستوى العالي في الفنِّ التشكيليِّ، بالإضافة إلى موهبته ودراسته في كندا، ويعود له الفضلُ في تأسيس جمعيَّة جدَّة للفنون الجميلة للجاليات الأوروبيَّة، وعمل مديرًا للمركز السعوديِّ للفنون الجميلة في جدَّة، وكان له باعٌ ونشاطٌ متميِّزٌ في الفنِّ التشكيليِّ على مستوى المملكة، حيث عمل رئيسًا لبيت التشكيليِّين فترة من الزَّمن، كما أسَّس أكاديميَّة جدَّة للفنون، وله العديدُ من المعارض، منها ما هو داخل المملكة، وبعضها خارج المملكة، مثل معرض تورنتو في كندا، ومعرض الفنانين التشكيليِّين العرب في بغداد، والاسكندرية، والقاهرة، وأصدر كتابًا بعنوان (إبداع لا ينضب) مع الفنان أحمد فلمبان، رحمه الله رحمة واسعة، والعزاء لأهله وبناته وأبنائه، جعله الله في مقعد صدق عند مليك مقتدر.

«إِنَّا لِلِه وَإِنَّا إِلَيهِ رَاجِعُونَ».

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store