Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

فريق طبي لـ" المدينة ": الباراسومنيا أحلام وكوابيس وتشخيصها يعزز "جودة النوم"

فريق طبي لـ" المدينة ": الباراسومنيا أحلام وكوابيس وتشخيصها يعزز "جودة النوم"

أكدوا أن العلاج يعتمد على السبب والنوع وشدة الاضطراب

A A
كشف فريق طبي من مركز طب وبحوث النوم بمستشفى جامعة الملك عبدالعزيز بجدة ، أنه يوجد في عالم الأحلام والنوم عالم غامض ومعقد يعرف بـ "الباراسومنيا" أو السلوكيات المصاحبة للنوم ، إذ إن هذه الاضطرابات ليست مجرد حالات غريبة وعابرة ، حيث تتنوع من البسيطة وغير الضارة إلى الأكثر تعقيدًا وإزعاجًا، بل قد تكون علامات على مشكلات صحية جدية تتطلب الانتباه والعلاج.

وقال كل من الدكتور فارس الحجيلي استشاري أمراض الجهاز التنفسي واضطرابات النوم ، والدكتورة رنيا الشمراني استشارية طب الأطفال العام والأمراض الصدرية للأطفال وأمراض النوم للأطفال والبالغين ، والدكتور وائل العمودي استشاري طب النوم ، والدكتور عمر قصي قنبر الباحث في طب النوم، إن الباراسومنيا أو السلوكيات المصاحبة للنوم تعرف بأنها مجموعة من اضطرابات النوم التي تتضمن حركات، سلوكيات، تصورات، أحلام مزعجة، أو تجارب عاطفية أو حسية غير طبيعية تحدث أثناء النوم ، وهذه الاضطرابات يمكن أن تحدث خلال مراحل مختلفة من النوم، مثل النوم الخفيف أو غير الحالم والنوم الحالم أو غيرها ، كما أن بعض أنواعها شائع لدى الأطفال كالرعب الليلي والمشي أثناء النوم وعادة ما يقل تواترهما وتختفي مع تقدم العمر ، وبعض الأشكال الأخرى مثل اضطراب الأكل المرتبط بالنوم، قد تكون أكثر شيوعا في مرحلة البلوغ.

وأوضح الفريق الطبي أن للسلوكيات المصاحبة للنوم أنواع عدّة منها ما هو مرتبط بالنوم الحالم كالكوابيس وهي أحلام مزعجة ومخيفة تسبب الاستيقاظ والضيق ، ومنها ما يحدث خلال مرحلة النوم غير الحالم كالمشي أثناء النوم حيث يشمل ذلك التجول أو القيام بأنشطة معقدة خلال النوم ، والكلام أثناء النوم كالحديث أو إصدار أصوات غير مفهومة خلال النوم ، أيضا الرعب الليلي وهو استيقاظ مفاجئ مع شعور شديد بالخوف وغالبا ما يصاحبه صراخ أو حركات مفاجئة ، وهناك أنواع أخرى حركية غير مرتبطة بمرحلة معينة وقد تحدث في كلا النوعين كاضطراب الأكل المرتبط بالنوم حيث يأكل المصاب أثناء النوم دون وعي كامل ، وحركة الأطراف الدورية أو حركات جسدية أخرى غير طبيعية.

وبين الفريق الطبي أن لهذه السلوكيات أسباب عديدة تشمل العوامل الوراثية ، حيث أن هناك دلائل تشير إلى وجود عامل وراثي في بعض أشكال الباراسومنيا، مثل المشي والتكلم أثناء النوم، حيث يمكن أن تتكرر هذه الاضطرابات في العائلات ، ومع ذلك فإن البحث في هذا المجال لا يزال جاريا لفهم العلاقات الوراثية بشكل أكثر دقة ، أيضا الإجهاد والحرمان من النوم يمكن أن يكون السبب، كما تعتبر اضطرابات النوم الأخرى مثل الأرق أو انقطاع النفس النومي أحد أهم المسببات أيضا، ولا ننسى تأثير بعض الأدوية في تطور أو تفاقم اضطرابات الباراسومنيا مثل مضادات الاكتئاب والذهان والقلق وبعض المنومات ومحفزات الجهاز العصبي، ولكن تأثيرها يختلف من شخص لأخر وقد لا يسبب نفس الاضطرابات لدى كل شخص ، إذ تشير البحوث إلى أن هذه الاضطرابات قد تنجم أيضا عن خلل في آليات النوم والاستيقاظ في الدماغ ، ومن الممكن أن يكون مثل هذه السلوكيات مصاحب لمرض عضوي كامن كبعض الأمراض العصبية والعضلية.

ولفت الفريق الطبي أن مثل هذه الاضطرابات يمكن أن تؤثر سلبًا على جودة النوم والصحة النفسية، مما قد يؤدي إلى الإرهاق والضغط النفسي ، وفي بعض الحالات قد تؤدي إلى إصابات جسدية أو سلوكيات خطيرة على الفرد والمجتمع ،

وتشخيص مثل هذه الاضطرابات دقيق جدًا ويحتاج إلى تقييم من قبل مختصين في طب النوم، حيث تشمل طرق التقييم السريري ويتضمن جمع تاريخ مفصل عن النوم والصحة النفسية والطبية للمريض ، ويمكن أن يتضمن هذا أسئلة حول نمط النوم، الأدوية المستخدمة، والعادات اليومية ، وأيضا الملاحظة من قبل شريك السرير أو أفراد الأسرة مهم جدًا، حيث يطلب أحيانا من أفراد الأسرة مراقبة وتسجيل السلوكيات التي تحدث أثناء النوم ، وفي بعض الحالات يمكن أن يتطلب التشخيص دراسات النوم (تخطيط النوم) ، حيث يمكن إجراء دراسة النوم في مختبر خاص، يتم فيه تسجيل الأنشطة الكهربائية للدماغ، حركات العين، معدل التنفس، وحركة الأطراف خلال النوم. ولا ننسى الفحوصات الطبية والنفسية حيث يعد جزءاً هاماً في التشخيص وذلك لاستبعاد الحالات الأخرى التي قد تسبب أعراض مماثلة، مثل الاضطرابات النفسية أو العصبية.

وعن العلاج قال الفريق الطبي إن علاج مثل هذه الاضطرابات يعتمد على السبب والنوع وشدة الاضطراب ، وقد يشمل تغييرات في نمط الحياة وبيئة النوم كتحسين عادات النوم وسلوكياته، والحد من الإجهاد، وإنشاء بيئة نوم هادئة ومريحة وذلك للحماية والحد من أي إصابات جسدية قد تنجم في بعض الحالات عن الحركة غير الواعية أثناء النوم ، كما أن العلاج السلوكي المعرفي قد أثبت فعالية في علاج بعض الحالات خاصة الكوابيس وبعض أشكال الباراسومنيا الأخرى ، وفي بعض الحالات قد تستخدم الأدوية لعلاج الأعراض أو الحالات المرتبطة، مثل القلق أو الاكتئاب وفي أغلب الحالات يمثل اللجوء للعلاج الدوائي جسرًا مؤقتا ريثما تأخذ بقية العلاجات أثرها، وأيضا يعتبر التعامل مع الأسباب الكامنة مثل الإجهاد أو اضطرابات النوم الأخرى أمر حيوي ومهم.

وأكد الفريق الطبي أن نشر الوعي حول الباراسومنيا مهم للغاية لتشجيع الأفراد على طلب المساعدة المناسبة وتجنب المضاعفات ، ففهم هذه الاضطرابات يساعد في تحسين جودة النوم والرفاهية العامة ، فإذا كان الفرد يعاني من أعراض تشير إلى اضطرابات الباراسومنيا، مثل الاستيقاظ في مكان مختلف عن ذلك الذي نام فيه، أو إذا لاحظ أحد أفراد عائلته أنه يقوم بأفعال غير معتادة أثناء النوم بشكل متكرر، فمن المهم جدا استشارة طبيب متخصص في النوم ، حيث يعد ذلك الخطوة الأولى والأهم في العلاج ، فالباراسومنيا قد تبدو غامضة وغريبة وقد تكون بنفس الوقت مصدر قلق وإزعاج لمن يعاني منها، لكن فهمها ومعالجتها يمكن أن يوفر نوما أكثر راحة ويحسن الحالة الصحية والنفسية ، ومن المهم أن نتذكر أن النوم الجيد هو حجر الزاوية لحياة صحية وسعيدة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store