Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. عبدالله صادق دحلان

استدامة العمل الخيري.. مطلب أساس

A A
احتفلتْ في الأسبوع الماضي جمعيَّةُ البرِّ بجدَّة بإطلاقِ خطتهَا الإستراتيجيَّة 2024 - 2027 تحت شعار (معًا.. نصنعُ الأثرَ)، برعايةِ وحضورِ صاحب السمو الأمير سعود بن عبدالله بن جلوي محافظ جدَّة، والذي أُقيم بجامعةِ الأعمالِ والتكنولوجيا بجدَّة، والتي جاءت برؤيةٍ تنمويَّةٍ، نحو «تحقيق الرِّيادة في صناعة الأثر الاجتماعيِّ المُستدام»، وتجسيد رسالةِ الجمعيَّة في «تقديم مبادراتٍ تنمويَّةٍ مبتكرةٍ ومُستدامةٍ؛ تساهم في صناعة الأثر للفئات المستفيدة من الأيتام، والأُسر، والمرضى، والمجتمع، وفقَ أفضل الممارساتِ المؤسسيَّةِ»، والتي تتوافقُ مع رؤية المملكة 2030.

إنَّ من أهمِّ الأسس التي بُنيت عليها خطَّة الجمعيَّة هي الاستدامةُ، وبرأيي أنَّه من الضروريِّ أنْ يكونَ العملُ الخيريُّ مبنيًا على فكرٍ اقتصاديٍّ يهدف إلى تحقيق الاستدامةِ الماليَّة لبرامج الأعمالِ الخيريَّة لدى الجمعيَّات.. وذلك بتطويرِ إستراتيجيَّات استثماريَّة فعَّالة، تُمكِّن الجمعيَّات الخيريَّة أنْ تُحقِّق تأثيرًا أكبر وأكثر فاعليَّة في المجتمع، وتحقيق الخيرِ المُستدام للجميع.

ويمكنُ أنْ يتحقَّق ذلك بتبنِّي الجمعيَّات الخيريَّة للأوقافِ والمشروعاتِ الاستثماريَّةِ، والتي تُعتبرُ من الأدواتِ الاقتصاديَّة الهامَّة في تمويل برامجها الخيريَّة، وضمان استدامتهَا واستمراريتهَا على المدى الطَّويل، بدلًا من الاعتمادِ المباشرِ على التبرُّعات المتقطِّعةِ.

إن فكرة الأوقاف تقوم على تخصيص ممتلكات، أو أموال لغرض خيري محدد، واستخدام عائداتها لتمويل تلك المشروعات، ومن الجوانب الإيجابية للأوقاف، أنها توفر مصدراً دائماً للتمويل، حيث يتم الاحتفاظ برأس المال واستثماره لتحقيق العائدات المستدامة.

ومن الأمثلةِ على الأوقافِ: أوقافُ التَّعليم، فيمكن للجمعيَّات الخيريَّة إنشاءُ مدارسَ أو جامعاتٍ، وتخصيصُ الأموال لتمويل تكاليف التَّعليم والتَّدريب. واستخدام العائداتِ الناتجةِ عن هذه الأوقاف، لتوفير منحٍ دراسيَّةٍ للطُّلاب المحتاجين.

وكذلك أوقاف الرعاية الصحيَّة: بإنشاء مستشفياتٍ أو مراكزَ صحيَّةٍ، وتخصيص الأموالِ لتوفيرِ الرعايةِ الصحيَّة المجانيَّة، أو بتكاليف مخفَّضة للأفراد غير القادرين على تحمُّل التَّكاليف الطبيَّة.

بالإضافة إلى الأوقاف، يمكن للجمعيَّات الخيريَّة إنشاء مشروعاتٍ استثماريَّةٍ، مثل مشروعات الصناعاتِ الحرفيَّةِ بتدريب الأفرادِ على مهاراتٍ حرفيَّة، مثل: الخزفِ، والخياطةِ، والنِّجارةِ، وغيرها، ومشروعات الخدمات الاستشاريَّة والتدريبيَّة في مجالات مثل: ريادة الأعمال، التكنولوجيا، التَّوعية الصحيَّة، وغيرها، ومشروعات الطَّاقةِ المتجدِّدة مثل: الطَّاقة الشمسيَّة، التي لها عوائدُ يمكن استخدامها في تمويل الأعمال الخيريَّة، وغيرها من المشروعاتِ الاستثماريَّةِ الأُخْرَى. وبإمكان الجمعيَّات اختيار المشروعات التي تتناسبُ مع رؤيتهَا وأهدافهَا، وتخصص عوائد هذه المشروعاتِ لتمويل برامج الأعمالِ الخيريَّةِ، وبالتَّالي تعزِّز هذه المشروعات استقلاليَّة الجمعيَّات الخيريَّة، فتصبح أكثرَ قدرةً على تحقيقِ أهدافِهَا، والتَّأثير بشكلٍ إيجابيٍّ في المجتمع. كما أنَّها تزيدُ من مرونة الجمعيَّات في اتِّخاذ القرارات الماليَّة، وتنفيذ المشروعاتِ الخيريَّةِ بشكلٍ فعَّال، دونَ الحاجةِ إلى الاعتمادِ على مصادر تمويل خارجيَّة، ومع ذلك، يجبُ أنْ يكونَ هدفُ العملِ الخيريِّ الأساس، هو خدمةُ النَّاسِ، وتحسينُ جودةِ حياتِهِم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store