Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سهيل بن حسن قاضي

زكواتنا والجمعيات الخيرية: عطاء لتعزيز البناء

شذرات

A A
قبلَ ما يقربُ من أربعةِ عقودٍ، كُنَّا طلابًا في الدِّراسات العُليا بالولايات المتَّحدة، وكانت تصلنا عبرَ البريد من بعضِ الجهات الخيريَّة طلباتُ المساهمةِ في بعض برامجِهم ونشاطاتِهم المختلفة، مُذيَّلةً بعبارة: (علمًا أنَّ ما يُقدَّم من تبرُّعات من قِبلكُم يمكنُ استقطاعُهُ من ضريبةِ الدَّخلِ).

من الطبيعيِّ أنَّ هذا الأمرَ لا يخصُّنا كطلابٍ، ولكن الفكرةَ راقتْ لي ولغيري، وكنَّا نتساءلُ عمَّا إذا كان يجوزُ للمؤسَّسات والشَّركات لدينا أنْ تدفع من زكاتها إلى جمعيَّات البر، فجاء الجوابُ بالنَّفي.

قبل فترةٍ؛ عثرتُ على صورةِ خطابٍ مُرسلٍ من مدير عام مصلحة الزَّكاة والدَّخل، إلى وزارة الشُّؤون الاجتماعيَّة بتاريخ 24 /12 / 1429هـ. جاء الخطابُ ردًّا على استفسارٍ من الشُّؤون الاجتماعيَّة حول مدى سريان تعليماتِ مصلحةِ الزَّكاة والدَّخل، التي تقضي باعتمادِ التبرُّعات التي تُدفع إلى جهاتٍ خيريَّةٍ معترفٍ بها داخل المملكة، وذلك بحسمِها من المصروفاتِ بعد التأكُّد منها مستنديًّا، فجاء الجوابُ كالتَّالي: «نفيدكُم باستمرارِ سريانِ تعليماتِ المصلحةِ التي تقضِي باعتمادِ التبرُّعات التي تُدفع إلى جهاتٍ خيريَّةٍ معترفٍ بها داخل المملكة»، كما تضمَّنت الإجابةُ بأنَّ «المادة الحادية عشرة من النِّظام الضريبيِّ الصَّادر بالمرسوم الملكيِّ رقم (م/1) وتاريخ 25 / 1/ 1425هـ تقضي بحسم التبرُّعات المدفوعة خلال السَّنة الضريبيَّة إلى هيئات عامَّةٍ، أو جمعيَّات خيريَّة مُرخَّص لها بالمملكة، لا تهدفُ إلى الرِّبح، ويجوزُ لها تلقِّي التبرُّعات». وفي ذيل الخطابِ ورد التَّالي: «كما نفيدُكُم بأنَّه طالما انطبقتْ على التبرُّعات الضَّوابط المُشار إليها أعلاهُ، فإنَّهُ لا يوجدُ حدٌّ أعلى لِما يُقدَّم للجمعيَّات الخيريَّة سواء للمكلَّف الزكويِّ أو الضريبيِّ»... انتهى.

بهذه المعلوماتِ الواضحةِ، قطعتْ جهيزةُ قولَ كلِّ خطيبٍ، وأُسدلَ السِّتارُ على موضوع التردُّد في دفع الزَّكوات إلى الجمعيَّات الخيريَّة المعتمدة في المملكة، وأصبح القرارُ بيدِ البنوكِ والمؤسَّسات والشَّركات التي لها زكواتٌ سنويَّةٌ، وتوجيهها إلى الجمعيَّات الخيريَّة يقوِّي من دورها المأمولِ في رعاية الأيتام، ومرضى الغسيل الكلويِّ، وتفريج الكُربات التي ازدادت في السنواتِ الأخيرةِ، ورعاية أُسرِ السجناءِ، وأعمال البر الأُخْرَى المعروفة، بما يمكِّنها من القيامِ بالأعباءِ الضَّخمة المنوطة بها، وقد تبقى بعضُها عاجزةً عن الوفاءِ بها لشُحِّ الموارد وكثرة الطَّلبات.

لقد قامت الدَّولةُ بواجبها في هذا النَّحو، وكل ما يجمع من هيئةِ الزَّكاة والضَّريبة والجمارك (مصلحة الزَّكاة والدَّخل سابقًا) يُوجه للنَّفقة منه على الضمان الاجتماعيِّ، ومع ذلك تركت البابَ مفتوحًا لمَن يرغب في دفع زكواتِهِ إلى الجمعيَّات الخيريَّة المعتمدة من الدَّولة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store