Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محسن علي السهيمي

يوم الجمعة.. بين الإجازة والعمل

A A
تداول بعض المغردين - في الآونة الأخيرة- أخبارًا مفادها: أن يوم الجمعة سيتحول من يوم إجازة إلى يوم عمل، بحيث يستمر الدوام إلى حدود الساعة الحادية عشرة قُبيل الظهر، ومن ثَمَّ تبدأ الإجازة الأسبوعية بقية نهار الجمعة، وتشمل يومَي السبت والأحد، لتتوافق بذلك مع المعمول به عالميًّا. نقطة الاختلاف في هذه المسألة أتت من قدسية يوم الجمعة؛ كونه عيد المسلمين (الأسبوعي)، يُضاف إلى ذلك أن صلاة الجمعة - وفق بعض الأحاديث النبوية- حُبِّبَ في التبكير إليها، وهذا يتطلب التفرُّغ التام من الأعمال والأشغال؛ لما في ذلك من الفضائل العظيمة.

يتضح إذن أن قضية (التفرغ والتبكير) هي التي تدفع بالمطالبين إلى التأكيد على أن يكون يوم الجمعة يوم إجازة؛ ليتمكن المسلم من المسارعة والتبكير لصلاة الجمعة، وفق ما حثَّت عليه بعض الأحاديث النبوية. في المقابل، وحينما ننظر للقرآن الكريم وما ورد فيه عن يوم الجمعة، نجد آية «يا أيُّها الذينَ آمنُوا إذا نُودِي للصلاةِ مِن يومِ الجُمُعَةِ فاسْعَوا إلى ذِكرِ اللهِ وذَرُوا البَيْعَ..»، وهي آية صريحة تبيِّن أن الناس يوم الجمعة يكونون في أعمالهم، وليسوا متفرِّغين - إلا الذين ليس لديهم شُغل-، وتُبين أيضًا أن الانفلات من الشغل والتوجه إلى صلاة الجمعة يكون إذا نودي لها، ومعلوم أن النداء - أقصد الأول- لصلاة الجمعة لا يكون بعد الفجر، وليس في الساعة السابعة ولا التاسعة ولا العاشرة، وإنما كما قال الشيخ ابن باز رحمه الله «الأفضل أن لا يكون بعيدًا عن الأخير، الأفضل أن لا يكون بعيدًا حتى ينتبه الناس، ويحضروا قبل دخول الخطيب، فإذا كان قبل الصلاة، قبل الأذان بنصف ساعة، أو نحوها، أو ثلثي ساعة؛ فهذا حسن إن شاء الله».

وعلى هذا يرد التساؤل التالي: كيف نوفق إذن بين فضل التبكير الوارد في بعض الأحاديث النبوية، والسعي إلى صلاة الجمعة عند النداء الأول الوارد صريحًا في القرآن؟، برأيي فإن مَن كان في عمل وشُغْل يوم الجمعة، فالقرآن يبيح له ذلك إلى أن يحين النداء الأول، ومن كان خاليًا من العمل والشغل فالأولى به المسارعة والتبكير كما ورد في الأحاديث النبوية، وهذا يعني أنه لا حرج على الناس - إذا تطلب الأمر- أن يكونوا في عمل وشغل يوم الجمعة حتى النداء الأول، وهو ما يعني بأن الدوام اليومي في يوم الجمعة لن يكون كاملًا، وإنما قرابة (نصف دوام)، ما يعني تضاؤل الجدوى منه، ومحاولة استكمال الدوام بعد صلاة الجمعة فيه مشقة كبيرة وصعوبة، خاصة في جانب التعليم.

أخيرًا فإن الرابح الأكبر في موافقة إجازتنا للنظام العالمي هي البنوك المحلية، فهل قدَّمت البنوك للوطن والمجتمع في ظل بعض الأزمات - كورونا مثلًا- ما يوازي هذا القرار؟، وهل اقتصادنا - وهذا يجيب عليه المختصون وحدهم- قبل التوحيد الجزئي لإجازتنا الأسبوعية مع النظام العالمي أقوى، أم بعده؟، ثم أليس هناك فوارق في التوقيت بين شرق العالم ووسطه وغربه تقلل من أهمية هذا التوحيد بين الإجازات الأسبوعية؟، فمثلا، إذا بدأ دوامنا السابعة صباح الجمعة، يكون التوقيت في نيويورك -شرق أمريكا- الحادية عشرة قبل منتصف مساء الخميس، ولا يبدأ دوام يوم الجمعة في نيويورك إلا وقد وصلنا إلى الثالثة عصر الجمعة، وهكذا مع السبت والأحد - وقس ذلك مع شرق العالَم- فأين التوافق إذن؟.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store