Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
فاتن محمد حسين

البنى التحتية للسياحة السعودية.. رواد السياحة أنموذجاً

A A
‏تمثل زيارة البقاع المقدسة؛ وأداء مناسك الحج والعمرة أمنية لأكثر من ملياري مسلم؛ تهفو قلوبهم لزيارة الأماكن المقدسة، وأداء مناسك الحج والعمرة، وهذا ما أكدت عليه القيادة الحكيمة من خلال رؤية 2030م التي تقوم على عناصر إستراتيجية هامة، وهي: العمق العربي والإسلامي، وأن تكون قوة استثمارية رائدة، ومحوراً للربط بين القارات. كما جاءت حكمة ولي العهد عرَّاب الرؤية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان لتدعم هذا التوجه، والتأكيد على تنويع الاقتصاد الوطني، وعدم الاعتماد على النفط كمورد أساسي، بالإضافة لدعم ميزانية الدولة لقطاعات الصناعة، والتجارة، وجذب الاستثمارات، ورفع نسبة المحتوى المحلي، ونمو الصادرات السعودية غير النفطية، كما أكد سموه على رفع مستهدفات السياحة إلى 150 مليون سائح بحلول 2030.

‏ولكي تدعم السياحة الناتج المحلي السعودي، كان لابد من إعداد البنى التحتية الأساسية؛ فبلادنا تذخر بكنوزٍ تراثية وتاريخية وثقافية ضاربة في عمق التاريخ، فتم تهيئتها وإدخالها في التراث العالمي كما في العلا، والدرعية، وكذلك نجران، والتي يوجد بها مدينة الأخدود الأثرية التي ذُكرت في القرآن الكريم. وفي مكة هناك حي غار حراء الثقافي، وغار ثور، ومؤخراً خاصرة عين زبيدة، وغيرها من الأماكن التاريخية التي يتلهف السياح لزيارتها، وتعمل السعودية على تحفيز السياحة فيها لإثراء التجربة الدينية والثقافية لضيوف الرحمن، وهي الهدف الثالث من برنامج خدمة ضيوف الرحمن. وحقيقةً، هذه التهيئة تتم ببراعة هندسية وفنية على مستوى عالمي في الإخراج الفني والتقني والإنشائي، وتبرز حضارة المملكة وإرثها الثقافي والتاريخي عبر العصور؛ وهي مبهرة للسياح بتفردها ببرامج ثقافية وتراثية ورياضية خاصة، مثل: سباق الخيل، وسباق الهجن، والصيد بالصقور، كما اعتمد هذا العام ليكون عام الإبل 2024م لإبراز تراثنا الثقافي، وأهمية هذا الكائن الذي خلقه الله بمعجزات متنوعة.

‏ومن البنى التحتية المهمة، الاهتمام بالمرافق السياحية، ومنها ‏الفنادق والمنتجعات، وقد أكد، معالي وزير السياحة الأستاذ/ أحمد الخطيب، على توقيع اتفاقيات مع فنادق كبرى عالمية، لتوفير أرقى أنواع الضيافة.. ولكن ما نتمناه هو التنويع في مستويات الفنادق، وأن تناسب جميع الفئات الاقتصادية للمواطن والزائر، لتحفيز السياحة بصورة أكبر.

‏ولأن العنصر البشري عامل مهم جداً في القطاع السياحي، فقد قامت وزارة السياحة بإطلاق برنامج (رواد السياحة)، بتدريب الكوادر البشرية ضمن نسخته الثانية هذا العام، وهو برنامج تدريبي يهدف إلى رفع قدرات (100 ألف) كادر بشري من السعوديين العاملين في القطاع السياحي؛ والحج والعمرة والزيارة، والذين يواجهون السياح سواء في الصفوف الأولى، أو في القيادة، أو مسار المحترفين، لأن أي خطأ في التعامل هو إساءة إلى سمعة الدولة، ويجب أن يكون صفرياً، وتقدّم العشرات من الدورات التدريبية بما يتناسب مع مستوى ممارسي السياحة، وفي كل فئة، سواء في إدارة المشاريع والتخطيط المالي، وفي الضيافة، وفي إدارة المخاطر، وإدارة الحشود، والأمن السياحي، والتغذية، وخدمة العملاء، والإرشاد السياحي، وذلك لتقديم الخدمات وفق احترافية عالية، وفن في التعامل مع السياح، ومع المشاريع، وتحقيق أهداف السياحة.

‏هذا المشروع الأكاديمي الريادي تشرف عليه جامعة أم القرى كجهة أساسية، وبالتعاون مع منظمات عالمية، مثل معهد المنظمة الأمريكية للفنادق والسكن، ومعهد إدارة الفنادق والسياحة بسويسرا، وتم التعاقد مع كوادر بشرية مؤهلة في الجامعات السعودية حسب المنطقة من جامعة الملك عبدالعزيز، ومن جامعة جدة.. وغيرهما.

‏الرائع أن جميع الدورات مجانية، وبذلك نضمن اشتراك أكبر عدد ممن يواجهون السياح والحجاج والمعتمرين، خاصة من ذوي فئة قلة ذات اليد من الشباب والشابات.. وبذلك نضمن الجودة والإتقان في العمل للكوادر البشرية. كما أن استخدام التقنية كان على أعلى المستويات، سواء في التسجيل للدورة، وفي معرفة المحتويات، والحقيبة التدريبية، وإجراء الاختبار القبلي، ثم البعدي، ولن تصدر الشهادة إلا بعد الاختبار البعدي، وهي معتمدة من كبرى جهات التدريب الرائدة في مجال السياحة. ‏ويكون التواصل عبر الإيميل والواتس أب أيضاً مع معهد البحوث والدراسات الاستشارية بجامعة أم القرى، وتبليغ المتدرب بتكملة الدورات حينما يتوقف بعد دورتين أو ثلاث، حيث يشترط أخذ خمس دورات للتأهل للابتعاث، ولأخذ دورات خارجية، وتكون الأولوية في العمل لمن يحصل على هذه المميزات.

حق لنا أن نفخر بهذه الريادة السياحية في المملكة، والإجراءات التي نقارع بها دولاً عريقة بسياحتها.. فقد نمت أعداد السياح الوافدين في الأغراض كافة، وتصدرت أغراض الزيارة للترفيه والعطلات كأعلى الأغراض من حيث النمو في النصف الأول من العام 2023م، وحققت نسبة نمو بلغت 347٪ عام 2023م مقارنة بعام 2022م، حيث بلغ عدد السياح 53.6 مليون زائر ما بين سائح وافد ومحلي في النصف الأول من عام 2023م.

نعم هذه هي الدولة السعودية، تحقق المستهدفات الأساسية في رفع الناتج المحلي من السياحة، وتوظيف الآلاف من الشباب والشابات، وانتعاش للحركة الاقتصادية باحترافية، وصناعة ضيافة تليق بسمعتنا كدولة وكشعب مضياف.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store