Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. بكري معتوق عساس

محمد العوهلي... كفيت ووفيت

A A
معالي الأستاذ الدكتور محمد بن عبدالعزيز العوهلي رئيس جامعة الملك فيصل بالأحساء، من الشخصيَّات التي ينطبقُ عليها قولُ الشَّاعر:

تعارفُ أرواحِ الرِّجالِ إذَا التقُوا

فَمنْهُم عدوٌّ يتَّقِى وَخَليلُ

كذاكَ أمورُ النَّاسِ والنَّاسُ منهُم

خفيفٌ إذَا صاحبتُهُ وَثَقيلُ

عرفتُه أنَّهُ خليلٌ، ورجلٌ ثقيلٌ في صداقتِهِ، وفيٌّ وصديقٌ كريمٌ؛ تعرَّفتُ على هذه الشخصيَّة الاستثنائيَّة التي أعتزُّ بها بحكم العمل، فقد كان معاليه يشغلُ منصبَ وكيلِ وزارةِ التَّعليم العالي للشُّؤون التَّعليميَّةِ إبَّان تشرُّفي بقيادةِ جامعةِ أمِّ القُرى بمكَّة المكرَّمة، وكذلك من خلالِ اللقاءاتِ والمؤتمراتِ والاجتماعاتِ التي جمعتنِي بمعاليه، أكاديميٌّ من الطِّراز الرَّفيع، حصل على الدكتوراة في الفيزياء النوويَّة من أرقَى الجامعاتِ الأمريكيَّةِ، وهي جامعةُ ديوك في مدينةِ «درهام»، بولايةِ كارولاينا الشَّماليَّة، التي أسَّسها تاجرُ التَّبغِ «جيمس ديوك» عام 1838م.

شخصيًّا وجدتُ فيه الرَّجلَ المخلصَ، الوطنيَّ المحبَّ لبلدِهِ وعملِهِ، فهو نشطٌ -تباركَ الرَّحمنُ- ذو أفكارٍ استثنائيَّة غير مألوفةٍ، يعشقُ الإبداعَ والابتكارَ.

ذكرَ عالمُ علمِ الاجتماعِ البروفيسور «جوناثان كول»، في كتابِهِ بعنوان «جامعات عظيمة»: «إنَّ الجامعاتِ العظيمةَ أدركتْ أنَّ مهمَّتهَا هي تقديمُ الاكتشافاتِ العلميَّةِ، وتقديمُ الأبحاثِ المنتجةِ، وإعدادُ الشَّبابِ؛ ليكونُوا قادةً في البحثِ والعلمِ».. بهذه العقليَّةِ قادَ معالي الدكتور محمد العوهلي جامعةَ الملك فيصل بالأحساء؛ كانَ يؤمنُ بأنَّ دورَ الجامعةِ ليس تخريجَ متعلِّمين، بل تخريج مبدعِين ومبتكرِين وروَّاد أعمالٍ.

من أجمل صفاته الهدوء، والحكمة في اتخاذ القرارات، ارتقى معاليه بجامعة الملك فيصل في كل المجالات؛ لدرجة أنه جعل منها جامعة أكاديمية وبحثية وريادية عظيمة، ذات سمعة متميزة، تقلدت أعلى المراتب في التصنيفات العالمية للجامعات.

دعاني معاليه غيرَ مرَّةٍ لزيارة الجامعة، الأولى قبلَ خمس سنواتٍ لإلقاءِ محاضرةٍ بعنوان الموارد الذاتيَّة للجامعاتِ، وكانت القاعةُ يومها مليئةً بالحضورِ من طلابِ وأعضاءِ هيئةِ التَّدريسِ، وعلى رأس الحضورِ معاليه.

والثَّانية كانت لإلقاءِ محاضرةٍ عن اكتشاف وصقل المواهبِ في الجامعاتِ، في مركز موهبة بالجامعةِ، وبعد الانتهاءِ من المحاضرةِ قمتُ بصحبتِهِ بزيارةِ المراكز البحثيَّة في الجامعة، والتي ركَّزت أبحاثهَا في مجال التُّمور والثَّروة الحيوانيَّة التي تشتهرُ بها المنطقة، كما اطَّلعتُ على الإنجازاتِ العظيمةِ التي تحقَّقت بدعمِ معاليه، خاصَّةً في مجالِ الإبداعِ والابتكارِ وبراءاتِ الاختراعِ، وتحويلها إلى منتجاتٍ تُسوَّق عن طريقِ شركاتٍ ناشئةٍ.

أمَّا الدَّعوةُ الثَّالثة، فكانت قبلَ شهرٍ تقريبًا، وكانت بمناسبةِ الاحتفالِ بمرورِ 50 عامًا على إنشاء الجامعة، والتي لم يحالفنِي الحظُّ في الحضورِ لظروفِ السَّفر.

الابتسامةُ لا تفارقُ محيَّاه -تباركَ الرَّحمنُ- حتَّى في أصعبِ المواقفِ، متواضعٌ.. ومحبوبٌ من منسوبِي الجامعة، له معي الكثيرُ من المواقفِ المشرِّفةِ التي لا زالتْ في الذَّاكرة.. تواصله وحبُّه لي لمْ ينقطعْ حتَّى بعد انتهاءِ فترةِ تكليفِي بإدارةِ الجامعةِ، وهذا نوعٌ من الوفاءِ الذي يتميَّز به أبو عبدالعزيز، لمْ أكتبْ كلمةَ ثَناءٍ واحدة من قبل، وهو أهلُ للثَّناءِ، أما وقدْ سلَّم الأمانةَ، فأجده من واجبِي أنْ أعبِّر عمَّا أُكنُّه من محبَّةٍ وتقديرٍ، وحُسنٍ جميلٍ لهذِهِ الشخصيَّة الجميلة، وفي الختام أقولُ: «معالي الدكتور محمد بن عبدالعزيز العوهلي: لقدْ كَفَّيتْ وَوَفَّيتْ».

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store